لأريكم أن لقاحي ينقذ الحياة - إن علاج أربع عشرة شاة في معملي لا يفترق عن علاج ستين في ميلان!)
هذا هو الشيء الغريب العظيم في بستور: يريد أن يخرج البيضة من الديك، والأرنب من القبعة، ويدهش العالم، فيقوم بكل هذا في إخلاص عظيم وإيمان بما يصنع كبير، كان عرّاضاً كبيراً بارعاً، وكان يجوز عليه أن ينزل في سبيل ذلك أحياناً إلى ملاعيب بهلوانية يسيرة، ولكنه لم يكن يعمد إلى التدبير والتخطيط لشيء من هذا أبداً. وتعين موعد امتحانه في الملأ، فكان مايو ويونيه من ذلك العام.
وكان رو وشمبرلاند قد تعبا من العمل المتواصل تعباً كبيراً أثر في أعصابهما، فأخذا يريان رؤى مفزعة، فتارة تفلت في النوم إلى الأرض من أيديهما قبابة خطيرة بالذي فيها، وتارة يجدان نفسيهما ينظران إلى حيوانات غريبة نصفها دجاجة ونصفها الآخر خنزير. أو لا يأتيهما النوم فيأخذان في حقن الملايين من الأرانب وهم في الفراش راقدون، فلما ساء حالهم إلى هذا الحد طلبا الراحة في الريف، وما كادا يستقران فيه حتى جاءهما التلغراف الآتي:
(أرجعا إلى باريس حالاً. على وشك تجربة عامة أن لقاحنا يحمي الشياه من الجمرة - ل. بستور)
فرجعا مسرعين. فقال بستور للقوم:(في مزرعة بويي - وفي حضرة الجمعية الزراعية بميلان، سألقح أربعة وعشرين شاة وبضع بقرات وعنزة واحدة. وسأدع بدون لقاح مثلها في العدد عنزة وشياهاً ابقراً، فإذا جاء الوقت الموعود سأقوم وأحقن كل هذه الحيوانات بأخبث زريعة لدينا من بشلة الجمرة، أما الملقحات فستكون في حِمى من الداء، وأما الأخرى فستموت طبعاً في يومين أو ثلاثة.) تحدث بستور كالفلكي يتنبأ بكسوف الشمس.
قال صاحباه:(ولكن يا أستاذنا إنك تعلم أن عملنا هذا كالمشي على الصراط، فنحن لا يمكننا أبداً أن نأمن أمناً تاماً إلى ألقحتنا، فهي قد تقتل الشياه التي نريد أن نحميها. . .)
فزعق بستور فيهما:(إن اللقاح الذي يعمل بنجاح في أربع عشرة شاة في معملنا لا شك ناجح في خمسين شاة في ميلان). فإنه عندئذ لم يرد أن يسمع بالخيبة، أو أن يذكر أن