للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الآن في كلية القروبين بفاس (حزّابة) كما للقرآن (حزّابة)، وهم يتقاضون أجوراً أوفر وأسنا مما يتقضاه (حزابة) القرآن العظيم؛ ولتلاوته هذه الراتبة أوقاف كما لتلاوة القرآن أوقاف. وفي بلاد المغرب طبقة من المحافظين يقولون عن أنفسهم إنهم (خليليون)، وأهل المغرب جميعاً هم مالكية ماعدا وادي ميزاب بالجنوب الجزائري وجربة بالقطر التونسي، فأن اكثر أهلهما أباضية، ولكنهم قليلون جداً فعددهم لا يتجاوز الخمسين ألفاً، بينما تعد الجزائر وتونس ومراكش من الأنفس خمسة عشر مليوناً يجلون هذا الكتاب ويرفعونه إلى أعلى مقام، حتى النساء في خدورهن لا يفصل الخصومات التي تثور بينهن إلا الحلف بهذا الكتاب!

ولا يزال المغاربة ينظرون بعين الاعتبار إلى كل من طلب العلم بالأزهر الشريف، ولو أنه كان قليل التحصيل، ويعترفون بالفضل لكل من أقام في مصر أو رآها.

وفي بلاد المغرب طرق صوفية منتشرة بين سائر الطبقات لها أكبر الأثر في العقائد والأخلاق، وأكثر هذه الطرق مستمد من الشيخ البكري المصري، فأتباع هذه الطرق ومريدوها يحبون البكري ويرون لهم فيه (الشيخ الممد) فيرفعونه فوق كل الاعتبارات.

وما أنت بواجد ولا مغربياً واحداً إلا وهو يحفظ كثيراً أو قليلاً من شعر أبن الفارض الصوفي المصري المشهور.

وكل حركة دينية أو أدبية في مصر لها صداها القوي في هذا المغرب العربي، فالأستاذ المرحوم الشيخ محمد عبده المصري أنصار ومريدون. وفكرة الإصلاح الإسلامي التي كان يدعوا إليها أصبحت اليوم في الجزائر مذهباً اجتماعياً تعتنقه الكثرة الكثيفة من الناس وتقوده (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين). وكل أديب كبير في مصر له أنصار وأشياع في بلاد المغرب، فللأديب الإمام الأستاذ مصطفى صادق الرافعي أنصار ومعجبون وهو أكثر الأدباء المصريين تلامذةً وقراءً في هذه البلاد. وللمرحوم قاسم أمين أنصار يدعون المغربيات إلى السفور وترك الحجاب، غير أن دعوتهم لم تجد ملبياً ولا مجيباً فأخفقت إخفاقاً شديداً. وللزعماء المصريين منازلهم من قلوب الناس هنا. والمطبوعات المصرية تحتل المقام الأول عندنا، سواء في ذلك الصحف والكتب والمجلات. والصحف المغربية لكثرة ما تروي عن مصر وما تنشر من أخبارها تكاد تكون طبعات مغربية لزميلاتها

<<  <  ج:
ص:  >  >>