للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويعود فكري أفندي بعد ذلك إلى الدار التي كان قد بناها لتكون داره مع زوجته المنشودة فيبكي ويتضاءل حتى يبلغ مكان صورة تلك الحبيبة الغادرة - ولكنه يقف فيطيل البكاء إلى جانبها ولا تحدثه نفسه بثورة ما - أحقا هكذا يفعل المحب الثائر الحب؟

إننا نخطئ كثيراً لو زعمنا أن الفلم يستطيع أن يبلغ المستوى المطلوب بالغناء وحده، فإذا شئنا الغناء فليكن الفلم صورة لعرض غنائي لا محاولة فيه للتمثيل. فإذا كان ولا بد من المزج بين الغناء والتمثيل فليكن الدور الأكبر مسندا إلى من يستطيع أداءه، وليختر موضوع الفلم اختياراً يسمح بأن يكون للمغني دور لا يحتاج إلى كبير دراية في فن التمثيل. فالحق أن الأدوار الثانوية في فلم دموع الحب كانت لا نسبة بين أدائها وبين أداء الدور الأكبر. فلقد أتقن المعلم حنفي (عبد القدوس) ما شاء له الفن وكذلك أتقن حلمي أفندي (سليمان نجيب) دور الصديق الغادر والغني المستهتر اتقانا يستحق كل الإعجاب، ولو كان هذان الفاضلان هما بطلا القصة لكان الإخراج الفني أبرع وأبدع.

وأما عن الغناء فلست أدري ماذا يرى كل من شهد الفلم فيه، لأن الغناء مرجعه إلى الذوق ولا يستطاع فيه النقد المنطقي الذي يصح في التمثيل، على أني لا أستطيع أن أكتم ما أحسست به، وذلك أنني لم أسمع إلا تلك الأغاني التي اعتدنا سماعها في الصالات، وفي ليالي الغناء المعتادة، وفي أسطوانات الأدوار الشائعة. وبعد فأنّا نتساءل: أهذا هو الغناء المقصود في روايات الأوبرا أو الأوبريت؟ إننا لم نشهد بعد من تقدم الغناء ما كنا شهدنا بوادره في روايات السيدة منيرة المهدية أمثال كرمن وروزينا وتابيس وغيرها مما عرضته تلك الفنانة الماهرة في وقت ما منذ عشرات السنين، وقد كنا ننتظر أن يسمو الغناء المسرحي بعد ذلك إلى درجة أعلى من تلك، فإذا بنا نعود إلى تلك الأغاني الساذجة المكررة التي اعتدنا سماعها على التخوت أو في الصالات. وإنا لا نشك في أن تلك الأغاني لها جمالها الخاص، ولا سيما عند بعض الأذواق التي يجب أن تخرج عن قيود المألوف إلى التعبير عن عواطف النفوس، وتستدرج السامعين إلى أنواع منوعة بدل تلك الآهات المكررة والأنغام الواحدة المعتادة. وإنه لمن العجيب أن نسمع صوت العود والكمان، بل نقر الدف لحفظ الوحدة في تلك الأغاني كأنما نحن نستمع إلى تخت لا إلى شخص حي يفيض بعواطفه ويترجم عن وجدانه! والحق أن تلك الآلات الموسيقية وذلك النقر الناشز

<<  <  ج:
ص:  >  >>