كان أبوهن تاجرا من كبار التجار وكان عظيم الثراء ولكنه لم يرع النعمة وراح يقامر مرة ويسرف مرة ويتعاطى المخدرات بكثرة مخيفة وهو الآن نزيل السجن من سنتين.
وارتفع الدم بغزارة إلى وجهي وأحسست بحرارة كحرارة المحموم ومرت غشاوة فحجبت بصري ورأيت الجو بعد برهة اصفر مكفهرا ثم قلت:
وأخوهن؟
قال هو شاب عاطل لا يجد لنفسه عملا مع انه يحمل شهادة عالية. مناه أصدقاء والده كثيرا بوظيفة ولكن أين هي الوظائف الآن؟ وكثيرا ما نصحناه ان يلجأ إلى عمل، أي عمل حر ولكن يظهر أن الأبواب سدت في وجهه.
قلت ولم لم يتقدم احد لخطبة البنات من قبل؟
قال بلى خطبت الكبيرتان ولكن خطيبيهما تركاهما بعد ما جرى لأبيهن ما جرى. ثم سكت البدال وقال في ألم: مع ان البنت الوسطى ولعلك تعرفها ذات الشعر الأصفر كانت تحب خطيبها لدرجة الجنون.
وسكت صاحبي برهة ثم قال في نبرات حزينة: أرأيت كيف يقضي هؤلاء الإغفال على أنفسهم واموالهم وأولادهم؟ الا قاتل الله الجهالة انها اصل الفواجع والآلام. ثم قال دونك فاسمع البقية، وبدت منه حركة عصبية ظاهرة في يديه وعينيه وصوته المبحوح وصدره المجروح، قال:
في صبيحة اليوم التالي سمع سكان البيوت المجاورة صراخا عاليا ففتحوا النوافذ فوجدوا الدخان يتصاعد من نافذة المطبخ في ذلك المنزل أما أنا فكأني كنت اعلم بما سيجري من قبل فسكت ولكنه كان سكوت اليأس وتجلدت ولكنه كان تجلد الإغماء. وهرع الناس فدخلوا المطبخ فإذا هي ممدودة على الأرض لا تبدي حراكا ولم يحترق منها الا شعرها وقرر الطبيب ان الوفاة بالاختناق. وارحمه لك يا. . . حتى النار أكبرتك وأشفقت من ان تلهب