ولكنه ما يكاد يخطو خطوة واحدة، مفتراً في ظلمات الليل البهيم عن ابتسامة الجذل، حتى يذكر الأسرار الهائلة التي نسجتها عناكب القدر في القصر. . . فتقلب ابتسامته الجدلة إلى عبوسة قاتمة. . . فيقف مكانه ويصمت!!.
- ١١ -
ويدخل المنشدون حديقة القصر، ويهزجون بنشيد طويل حلو ثم تقبل الملكة فيتقدم إليها رئيس الخورس محبياً ويتساءل: (هل من نبأ عن الحملة يثلج الصدر المكروب ويهج النفس المحروبة؟) وتبتسم الملكة ابتسامة خبيثة صفراء، ثم تزف بشرى انتصار الهيلانيين.
- (وكيف؟ لا نصدق! ولكن تكلمي. . . تكلمي أيتها الملكة!).
- (إليوم في قبضة رجالنا! هل أراك فهمت؟)
- (إنها مفاجأة تملأ أعيننا دموعاً. . .)
- (وإنها دموع تؤكد إخلاصكم وطهارة قلوبكم)
- (ولكن هل من برهان أيتها الملكة؟)
- (ما لم يكن بعض الآلهة يخدعني!)
- (ألا تكونين قد استسلمت لغفوة لذيذة فشهدت رؤيا طارئة؟)
- (إن أوهام المنام لم تخدعني قط!)
- (إذن منذ كم سقطت طروادة؟)
- (في نفس هذه الليلة التي كاد صبحها يتنفس؟)
- (وأي رسول حمل إليك النبأ في مثل هذه السرعة؟)
- (النار الآلهية ألمعت به إلى هنا من ذروة جبل إيدا. . . وهشيم الحلنج المتأجج في شعاف الجبال ورؤوس الآكام. . .).
واستطردت كليتمنسترا فذكرت كيف أشعل الهيلانيون النيران في قُلَل الشاطئ الأسيوي، ثم كيف تنقل الوميض فيالسماوات حتى عكسه أفق أرجوليس. . . وطفقت تحشد الكنايات في حديثها، وتنثر الألغاز في ثناياه. . . صادرةً عن غلها
المقيم وحقدها القديم على أجاممنون!