- (يا لطنين النصر في طروادة اليوم؟. . . . . . أحسب ألا يستطيع أحداً، يميز صيحات السادة الظافرين من صيحات العبيد المقهورين بين جدرانها! إنهم سواء منكودو الحظ، سود الجدود، حقيقون بالرثاء! ومن يدري؟ فلعل الآلهة تغضب فتنتقم ممن دنس هياكلها، وسطا على طُرفها وتحفها بجعلها في جملة الغنائم والأسلاب!. . . ولعل أرواح الضحايا (!) والشهداء تهب من مراقدها مغضبةً حانقة فتقف في سبيل الأبطال الظافرين فلا يعودون إلى أوطانهم!. . . ولكن قلما ساد حق. . . دون أن ترتكب ألف مذمة باسمه!. . .)
- ١٢ -
ويفطن الخورس إلى ما كان يتناثر في حديث الملكة من ألغاز، ويفطنون إلى هذا الفتور وذاك الضيق الذين كانت تزف في ظلامهما بشرى سقوط طروادة. . . فيعزونه إلى أسبابه التي باتت لا تخفى على أحد في المملكة. . . ثم يتشككون في كل ما انطلق به لسانها ويحسبونه هذياناً في هذيان!.
وما يكادون يفرغون من نشيد طويل رائع حتى يحضر البشير فيزف إليهم النبأ الصادق ويبشرهم بأوبة الملك، ثم يصف لهم شطراً مما لقيه الجنود تحت أسوار إليوم:(بل ما لقيه الطرواديون يومئذ من مصائب الحصار وكوارث القتل، ثم هذه النهاية التي أبادت دولتهم وقوضت بنيانهم. . .).
بيد أنه سرعان ما يفطن البشير إلى تلك الكآبة التي تُغشَّى نفوس القوم، فيسألهم، ويجيبه رئيسِ الخورس:
- (لقد كان الصمت. وسيظل. . . ملاذنا أيها البشير!)
- (وكيف؟ أترهبون أحدا في هذا القصر غير مولاكم؟)
- (. . .؟. . .!. . .)
- (أسرار. . . أسرار. . .
- ١٣ -
وتقبل الملكة كرة ثانية فتلمح تثلج مشاعر المنشدين وتحاول أن تخدعهم عن خافية نفسها فتقول: (هل صدقتم الآن أن إليوم قد سقطت؟! لقد كنتم في مرية من بشراي التي زففت