مصر. على أن بمنخي ملك أثيوبيا بعد أن استولى إلى مصر فوجئ بخروج البلاد عليه وتقاسمها الأعيان لمدة خمسة عشر عاماً إلى أن قام أحدهم ويدعى (ابسمانيك) واستعان بجنود يونانية واستولى على جميع الأراضي المصرية وطرد الأثيوبيين وأعاد الحدود المصرية إلى أسوان. ولقد ذكر (هيرودوت) خبر فرار بعض الجنود المصرية في عهد ابسمانيك مؤسس الأسرة السادسة والعشرين فقال انهم ذهبوا إلى أثيوبيا واستوطنوا هناك وأطلق عليهم اسم (الأوتومولي) وعرفوا بهذا الاسم حتى القرن الأول للميلاد
وفي عهد البطالسة زحف ثامن ملوك هذه الأسرة على مملكة مروى وفتحها ثم سار جنوبا ففتح مدينة أكسوم، ودون خبر فتوحاته باللغة اليونانية على حجر من الرخام في ميناء (أدولس) المعروفة الآن بميناء (زولا) على عشرين ميلاً جنوبي (مصوع وهي ميناء أكسوم) ومع ذلك فقد عادت الحدود مرة أخرى إلى المحرقة في عهد سلفه
وبعد وفاة كليوباترا آل حكم مصر إلى الرومان. وأول من تولى مصر من الرومان هو كرنيوليوس جالسن وقد ظهر من بعض النقوش على بعض الآثار أن الملك (نويا كوتاس خوانوس)، ويظن أنه ملك نوبه، أرسل رسلاً في أيام هذا الحاكم إلى فيلة ودخل في حامية الرومان. وحاولت أثيوبيا غزو مصر في عهد ملكتها (كنداكه) حينما كان الرومان مشتغلين بغزو بلاد العرب ولكنها لم تفلح. وفي عهد (نيرون) أرسل حملة للكشف عن منابع النيل فوصلت إلى إقليم كثير المستنقعات ربما كان إقليم السدود الحالي، وكانت المحرقة آخر حدود مصر أيام الرومان كما كانت أيام اليونان، فرأى الإمبراطور (دبوقلشيان) أن خراج البلاد التي بين المحرقة وأسوان لا يفي بنفقات الجند اللازمة لجمعه فلا فائدة من الاحتفاظ بهذه البلاد فاقطعها للنوبة وأعاد الحدود المصرية إلى أسوان وقوى حامية الفنتين
وفي عهد الحكم العربي غزا المسلمون النوبة. قال ابن الأثير (فغزا المسلمون النوبة فرجعوا بالجراحات وذهاب الحدق لجودة رميهم فسموهم رماة الحدق) وفي سنة ٢١ هـ بث عمرو بن العاص عبد الله بن سعد بن أبي سرح في عشرين ألفاً إلى النوبة فمكث بها مدة ثم صالحهم وقرر عليهم الجزية ثم، استدعاه عمرو إلى مصر ثانية؛ وبعد موت عمر بن الخطاب رضى الله عنه تولى عثمان بن عفان فعزل عمرو بن العاص وولى عبد الله مكانه، وكان أهل النوبة نقضوا الصلح ووصلوا إلى الصعيد فردهم وغزاهم مرة ثانية