وصالحهم على أن يدفعوا ٣٦٠ رأساً من الرقيق سنوياً على إن يرسل عبد الله إليهم بعض الحبوب. ويقول المسعودي (ولمن بأسوان من المسلمين ضياع كثيرة داخلة بأرض النوبة يؤدون خراجها إلى ملك النوبة وابتيعت هذه الضياع من النوبة في صدد الأمان في دولة بني أمية وبني العباس، وقد كان ملك النوبة استعدى المأمون حين دخل مصر على هؤلاء القوم بوفد أوفدهم إلى الفسطاط ذكروا عنه إن أناساً من أهل مملكته وعبيده باعوا ضياعاً من ضياعهم ممن جاورهم من أهل أسوان وإنها ضياعه والقوم عبيد لا أملاك لهم وإنما تملكهم على هذه الضياع تملك العبيد العاملين فيها. فرد المأمون أمرهم إلى الحاكم بمدينة أسوان ومن بها من أهل العلم والشيوخ
وعلم من أبتاع هذه الضياع من أهل أسوان أنها ستنزع من أيديهم، فاحتالوا على ملك النوبة بأن تقدموا إلى من ابتيعت منهم من أهل النوبة أنهم إذا حضروا حضرة الحاكم لا يقروا لملوكهم بالعبودية، وأن يقولوا سبيلنا معاشر المسلمين سبيلكم مع ملككم، يجب علينا طاعته وترك مخالفته، فان كنتم أنتم عبيداً لملوككم وأموالكم له فنحن كذلك. ولما جمع الحاكم بينهم وبين صاحب الملك أتوا بهذا الكلام للحاكم ونحوه مما وقفوا عليه من هذا المعنى، فمضى البيع لعدم إقرارهم بالرق لملكهم إلى هذا الوقت، وتوارث الناس تلك الضياع بأرض النوبة من بلاد مريس المجاورة لأسوان. وصار النوبة أهل مملكة هذا الملك نوعين: نوعاً من وصفنا أحراراً غير عبيد، والنوع الأخر من أهل مملكته عبيد هم من سكن النوبة في غير بلاد مريس). من ذلك يتبين أن الحدود الجنوبية لمصر لم تكن محددة تماماً أيام العرب، إذ أن بعض المصريين كان يملك أراضي داخل حدود النوبة. ويقول المقريزي انه في سنة ٨٧٠ م وذهب أبو عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحميد العمري إلى محاربة النوبة ورجع غانماً. ويفهم من كلام المقريزي أنه في سنة ٩٥٦ م أغار ملك النوبة على أسوان وقتل جمعا من المسلمين فخرج إليه محمد بن عبد الله الخازن على عسكر مصر من قبل (أنوجور بن الإخشيد) سنة ٩٥٧ م براً وبحراً وأسروا بعض النوبيين الذين ضربت أعناقهم بعد ما أوقع بملك النوبة، وسار الخازن حتى فتح مدينة أبريم، وقدم إلى مصر سنة ٣٤٥ هـ بمائة وخمسين أسيرا. وقال أبن الأثير (في سنة ١١٧٣ م سار شمس الدولة توران شاه بن أيوب أخو صلاح الدين الأكبر من مصر إلى