النوبة فوصل إلى أول بلدهم. وكان سبب ذلك أن صلاح الدين وأهله كانوا يعلمون أن نور الدين كان على عزم الدخول إلى مصر، فاستقر الرأي بينهم أنهم يتملكون إما بلاد النوبة أو بلاد اليمن حتى إذا وصل إليهم نور الدين لقوه وصدوه عن البلاد، فإن قووا على منعه أقاموا بمصر وإن عجزوا عن منعه ركبوا البحر ولحقوا بالبلاد التي افتتحوها. فجهز شمس الدين وسار إلى أسوان ومنها إلى بلاد النوبة، فنازل قلعة اسمها أبريم فسلمت، فأقام بها ولم ير للبلاد دخلا يرغب فيه، فتركها وعاد إلى مصر بما غنم من العبيد والجواري). وقال المقريزي عن توران شاه هذا ما يأتي:(وأعطاه صلاح قوص وأسوان وعيذاب، وجعلها له إقطاعا، فكانت عيرتها في تلك السنة مائتي ألف وستة وستين ألف دينار، ثم خرج لغزو النوبة سنة ١١٧٤ م وفتح قلعة ابريم). واستمر غزو المماليك لبلاد النوبة مثل الظاهر بيبرس وقلاوون وغيرهم. ويقول ابن خلدون إن قلاوون عندما غزا النوبة أرسل السفن بالبحر. ويقول ابن خلدون (ثم انتشر أحياء العرب من جهينة في بلاد النوبة واستوطنوها وملكوها أيام الناصر بن قلاوون وملئوها عيثاً وفساداً، وذهب ملوك النوبة إلى مدافعتهم فعجزوا، ثم صاروا إلى مصانعتهم بالصهر فافترق ملكهم وصار لبعض أبناء جهينة من أمهاتهم، لان أمهاتهم من بنات ملوك النوبة على عادة الأعاجم في تمليك الأخت وابن الأخت فتمزق ملكهم واستولى أعراب جهينة على بلادهم، وليس في طريقة استيلائهم شيء من السياسة الملوكية للأمة التي تمنع من انقياد بعضهم إلى بعض فصاروا شيعا لهذا العهد). إلى أواخر القرن الثامن الهجري. وبقوا كذلك شيعاً على كل شيعة منهم رئيس أو ملك إلى أن قام الفنج في سناد سنة ١٥٠٥ م إلى الشلال الثالث ثم كان الفتح العثماني لمصر بيد السلطان سليم سنة ١٥٢٠ فأرسل جيشاً إلى النوبة فملكوها من أسوان إلى الشلال الثالث وعرفوا (بالغز) وعرف حكامهم (بالكشاف) وهكذا انقسمت بلاد النوبة بين ملوك الفنج والكشاف إلى أن كان الفتح المصري للسودان سنة ١٨٢٠م أي سنة ١٢٣٦ هـ فخضعت لمصر
وفي عهد محمد علي امتدت حدود مصر جنوباً بعد فتحه للسودان وكانت تدخل أسوان في مديرية أسنا، ثم أحدث تعديلاً بأن ضم مديرية أسنا إلى مديرية قنا وصارتا واحدة، ثم انفصلتا بعد ذلك وامتدت الحدود المصرية إلى أعالي النيل أيام خلف محمد علي خصوصاً