أو أصفر، وفوق رؤوسهم قلانس صفراء مضربة تضريباً عريضاً
وجلس عن يمين السلطان الخليفة والقضاة من المذاهب الأربعة، فان بيبرس جعل لكل مذهب قاضياً كبيراً بعد أن كانت ولاية القضاة لقاضٍ واحد من علماء المذهب الشافعي. ثم جلس عن يمين القضاة واحد بعض موظفي الدولة مثل وكيل بيت المال أو (وزير المالية كما نسميه الآن)، ثم ناظر الحسبة أو (هو محافظ القاهرة)، وكلاهما من القضاة وأرباب القلم. وجلس عن يساره الوزير ثم كاتب السر أو (الأمين الأول)، وجلس أمامه ناظر الجيش وجماعة من الكتاب الكبار أو كما كانوا يسمونهم الموقنين
ووقف من وراء السلطان صفان فعن يمينه ويساره من الأمراء الكبار وهم رؤساء الأمراء والقواد في الجيوش، وجلس إلى اليمين واليسار على بعد نحو ثمانية أمتار من السلطان ذوو السن من الأمراء القواد وهم أمراء المشورة في الدولة. وجلس بعد ذلك من هم أدنى منهم مرتبة من أكابر الأمراء، والقواد بحسب درجاتهم، فكان أقربهم من السلطان أمراء المئين وهم مقدمو الألوف، وكان كل منهم أميراً على مائة فارس، وقد يزيد عدد فوارسهم عشرة أو عشرين فوق المائة؛ وكان يليهم أمراء الطبلخاناه، وكان كل منهم أميراً على أربعين فارساً، وقد يزيد عدد فرسانهم إلى السبعين؛ وكان بعد هؤلاء جميعاً أمراء العشرات ولكل منهم الإمارة على عشرة فرسان، وقد يزيد عدد فرسانهم إلى العشرين
ونصب منبر وصعد عليه كاتب السر الشريف، فقرأ على الأمراء في ذلك الحشد الحافل كتاب الخليفة العباسي أحمد المستنصر بالله الذي لجأ إلى مصر وأحسن السلطان استقباله، وفيه ثناء طيب من الخليفة على السلطان العظيم فأصبح بذلك ملكاً على البلاد بحق الاستيلاء والسيف، وبحق تقليد خليفة المسلمين الذي كان العالم الإسلامي يرى فيه رمز الحق الشرعي للحكم.
ثم حملت إلى السلطان خلعة الخليفة، فلبسها وهي جبة سوداء، وعمامة بنفسجية، وطوق من ذهب، وقلد بسف عربي. فلما انتهى الاحتفال ركب السلطان بالخلعة والطوق والأمراء حوله وأمامه حسب ترتيبهم، وحمل الصاحب بهاء الدين محمد بن علي ابن حنا تقليد الخليفة، على رأسه وسار قدام السلطان. ثم سار الموكب حتى دخل القاهرة من باب النصر ومر في الشارع الأكبر من المدينة، والسلطان في خلعته الجديدة راكب على فرس عربي