إلى موضع السرج. فلما مر هذان الفارسان أقبل في أثرهما السلطان هو راكب على فرس عربي أصيل هيئته وكسوته مثل هيئة فرسي الفارسين المتقدمي الذكر لا فرق بينه وبينهما، حتى كان الناظر إلى الفرسين المتقدمين يظنهما قد أعدا لركوب السلطان نفسه؛ وكان أمام فرس السلطان غاشية السرج يحمله بعض أمراء المماليك الخواص، وهذه الغاشية عبارة عن جلد مزركش بالذهب ليُغطي به سرج السلطان إذا نزل، وكان حامل تلك الغاشية يحركها زهواً وافتخاراً ذات اليمين وذات الشمال، والى جانب حامل هذه الغاشية فارس أخر يضرب على شُبابة، وهي آلة موسيقية لا يقصد بنغمها الإطراب، بل يقصد بها إيقاع المهابة في النفوس
وكان فوق رأس السلطان العصائب السلطانية، وهي من الحرير الأصفر المزركش بالذهب منقوشة باسمه وألقابه. وكانت العادة أن تحمل هذه العصائب فوق رأس السلطان عند الركوب إلى هذا الميدان خاصة وفي يوم العيد، وعندما يدخل إلى القاهرة عائداً من السفر أو إلى مدينة من مدن الشام
ولم يكن في هذا اليوم يستظل بالمظلة، فإن رفعها كان خاصاً بأيام العيد أو عند دخول المدينة أو في المواكب التقليدية الكبرى
وجاء خلف السلطان جماعة الأمراء أولهم المشاة يحفون به على هيئة دائرة، وهم الطبردارية الذين يحملون الأطبار المشهورة ولعلها السيف المعوجة التي يسميها الفرنج (السابر)، وكانوا في العادة من كبار الأكراد، ويليهم بعد ذلك الأمراء الفرسان يسيرون بحسب مراتبهم: فنائب السلطنة، ثم الوزير وأرباب الوظائف الكبرى، ثم المئين مقدموا الألوف، ثم الطبلخانات، ثم أمراء العشرات، ثم المماليك
فإذا ما انتهى الركب إلى الميدان واستقر مجلس السلطان هنيهة في ظلال الأشجار الوارفة التي حول الميدان أمر ببدء اللعب واشترك هو مع الأمراء الكبار فلعبوا الكرة بالصوالج وهم ركوب على الخيل، وانتهزوا فرصة اللعب فاظهروا من المهارة في ركوب الخيل والتحرك فوقها أثناء جريها ما يدهش الألباب
فإذا انتهى اللعب في ذلك اليوم دعا السلطان الاثنين اللذين برزوا في اللعب من الأمراء وانعم عليهما بحوائص الذهب وهي مناطق ثمينة من الذهب يبلغ ثمن الواحدة أحياناً مائتي