الحديدية الشرقية، وتوطد نفوذها في كوريا التي غدت فيما بعد مقاطعة يابانية، فإنها لم تفتأ منذ انتصارها تحاول توسيع نفوذها في تلك المنطقة على حساب النفوذ الروسي، وما زالت روسيا من جانبها تقاومها بكل الوسائل، وتعمل على وقف أطماعهما ومشاريعها؛ ولم يحد البلاشفة عن سياسة القياصرة في هذا الشأن، فقد عملت روسيا السوفيتية بكل ما وسعت على توطيد سياستها ونفوذها في الصين، ووقفت تناضل اليابان وجها لوجه، وكادت في الأعوام الأخيرة أن تشتبك معها غير مرة في حرب استعمارية، ومع أنها اضطرت أخيراً أن تبيع لليابان حقوقها في السكة الحديدية الشرقية تجنباً للاصطدامات الخطرة، فان النضال السياسي ما يزال بين الدولتين على أشده، وقد أسفر في الأسابيع الأخيرة عن عدة حوادث ومناوشات دموية دلت على تفاقم خطر الحرب في الشرق الأقصى
ويدور الصراع الآن بين اليابان وروسيا حول منغوليا التي تشغل مساحة شاسعة في شمال الصين والتي تجاور منشوكيو من الغرب؛ وتنقسم منغوليا سياسياً إلى قسمين أحدهما منغوليا الشمالية أو منغوليا الخارجية وهي تجاور سيبيريا وتقع تحت السيادة الروسية، وقد حولها البلاشفة منذ أعوام إلى جمهورية سوفيتية باسم (تشيتا)؛ ومنغوليا الجنوبية أو منغوليا الداخلية، وقد كانت من قبل وحدة سياسية مستقلة داخلياً تحت حماية الصين، ولكمن السياسة البلشفية استطاعت منذ سنة ١٩٢٤ أن تجذبها إلى حظيرتها وأن تجعل منها جمهورية مستقلة حليفة لموسكو؛ ومن جهة أخرى فان التركستان الصينية تقع تحت النفوذ السوفيتي، وقد وقعت فيها أخيراً حوادث وتطورات أدت إلى انفصالها عن الصين؛ وهكذا تسيطر روسيا على معظم أنحاء الصين الشمالية والغربية، بينما تسيطر اليابان على الأقاليم الشرقية الشمالية وبعض الأقاليم الوسطى؛ ويحتدم النضال بين الدولتين الاستعماريتين الكبيرتين حول السيادة والغلبة في تلك الإمبراطورية الصينية الشاسعة التي تنقسم اليوم إلى وحدات سياسية عديدة تمهد بتنافسها وخصامها المستمر إلى تسرب النفوذ الأجنبي وتوطيده
وتمثل اليابان هذا الصراع الهائل الجنس الأصفر والجامعة الآسيوية، وتستعد لخوضه بجميع قواها السياسية والعسكرية والاقتصادية؛ وتمثل الروسيا فيه مصالح الجنس الأبيض والاستعمار الغربي في آسيا؛ ومع أن روسيا السوفيتية لا تحظى بكثير من عطف الدول الغربية، فإنها تعتبر مع ذلك حاجزاً منيعاً في سبيل الزحف الياباني نحو الغرب، وتؤيدها