في أن يستل من أحضان الملك صديقه (ساتمارس) و (دي ثو) ليقدمهما إلى المقصلة لأنهما وإضرابهما (مجرد خونة من الطراز المبتذل) ثم لا يتردد في أن ينفي من فرنسا أم ملك فرنسا، وبمرسوم من الملك! وبينما يلقاه الهيجنوت فظيعاً في الحرب، يراه زعيمهم (دي روهان) بديعاً في السلام. . . هذا هو حاكم فرنسا المطلق ريشيليو
بعد ذلك صفحات مشرقة عن (الملك الشمس) الملك القائل (أنا الدولة) لويس الرابع عشر الذي حكم حكماً مطلقاً أكثر من نصف قرن ليله أزهى عصور الملكية في فرنسا أو في التاريخ.
ثم يعقد المؤلف فصلاً للكلام عن (وسائل الطغيان المستنير) فعنده أن أصحاب الانسكلوبيديا ومنهم (ديدزو) لم يكن فيهم جمهوريون، وحتى فولتير كما كان يسميه فريدريك الأكبر كان يفضل سلطة الفرد. أما صاحب العقد الاجتماعي الذي كان يُفتي ويشير في النظم والدساتير فكان يرى الحكم الجمهوري صالحاً للدولة الصغيرة، أما الدول الكبرى فلم يكن يراه نافعاً لها بل في العقد الاجتماعي دفاع غير قليل دافع به (روسو) عن الحكم المطلق. وفي القرن التاسع عشر فلاسفة كبار كانوا يعتذرون عن الحكم المطلق حكم الفرد المستنير (نصير الإصلاح) الذي كان يسميه رينان أي الطاغية الطيب، وإذا كانت الثورة قد قضت على هذا النظام فان فرنسا عبدته في شخص نابليون. . وفي الحق أنك لا تستطيع أن تنسى - في عصرنا هذا - مقدار ما تحظى به من التأييد نظرية المفكرين الممتازين (المفكرين الأرستقراطيين) وفحواها أن التقدم لا يمكن أن يأتي من الجماهير بل هي تساق إليه وراء طائفة من (الأفراد) الكفاة. . . وكثيراً ما يكونون منها
وفي الثورة الكبرى طغى (روبسبير) فصار قطعة من طغيان الثورة الدموية أو المجزرة، لكأني به جملة من اسمها أو مقدمة من منطقها فلولاه ما أنتجت الثورة نابليون. . . وما أدراك ما نابليون! ابن الثورة في فرنسا، وابن الجماهير في كل الدنيا؛ النجم الذي تلألأ في الأفق على غير ميعاد، والحلم الذي طاف بأجفان الإنسانية حيناً من الليل ثم صحت تتفقده؛ اللاعب الذي كان يحرك الملوك والشعوب على رقعة الدنيا كرقعة الشطرنج؛ الفاتح الذي كان ينثر الحرية، ويبذر المساواة، ويعلم العلم، في المشرق والغرب أني أسال دم الفتوح؛ المنشيء الأمم والجامع الأجناس، واضع تصميم أوربا الحديثة