داخلية تشعر بقبول انعزال مجلسهم، كما يرفضون أن يتسلموا الرسائل الموجهة إليهم باسم رجال الطبقة الثالثة
كان يرجو ميرابو أن يخرج العامة من المأزق دون شحناء ولا اعتداء، ولكن العامة انتظروا حتى ملوا الانتظار، فاقترح عليهم قرب نهاية مايو أن يرسلوا إلى رجال الدين، وقد أنس في فئة منهم العطف على العامة، يدعونهم باسم الله وباسم الإنسانية والسلام أن ينضموا إليهم
وفي اليوم العاشر من يونيو أقترح سيس إرسال دعوة نهائية إلى رجال الطبقتين يطلبون انضمامهم إلى صفوف العامة؛ وسواء قبلوا الدعوة أو لم يقبلوها يجتمع نواب العامة وحدهم للعمل باسم الشعب الفرنسي كله. وأخيراً حين رفض رجال الطبقتين دعوة العامة أعلنوا في اليوم السابع عشر من يونية قرارهم الخطير أنهم هم (الجمعية الأهلية) فخطوا بذلك أول خطوة نحو الثورة
أشفق ميرابو وقد فهم مغزى هذا القرار على الجمعية وأيقن أن الملك لابد مجيب على ذلك بضربة حاسمة، إذ ما الذي يمنعه أن يباغتهم بمرسوم يحل به المجلس كله؟ ولذلك فقد احتاط للأمر وتوقى الخطر قبل حدوثه. فتقدم إلى الجمعية باقتراح قبلته وأعلنته، ومؤداه أن نواب الأمة يقررون أن الضرائب القائمة غير شرعية، ولكنهم لا يمانعون في جمعها مادامت الجمعية منعقدة؛ وكانت هذه خطوة سديدة موفقة من جانب ميرابو
على أنه ظل يحسب للموقف حسابه. فما كان الأشراف ورجال البلاط ليقابلوا عمل الجمعية بالسكون، وكان ميرابو قد واجه ثورة النواب في نقاشهم قبل أن يطلقوا على جمعيتهم ذلك الاسم، وطلب إليهم أن يبحثوا عن اسم آخر لا يتضمن مثل ذلك التحدي، ولكنهم أعرضوا عنه فلم يجبن عن أن يعلن فيهم (أن نفوذ الملك وحقه في (الفيتو) لابد أن يكون أمراً أساسياً في الدستور، وبغير ذلك فانه يفضل أن يقيم بالقسطنطينية على أن يعيش في فرنسا، لأنه لا يرى أخطر من تسلط ستمائة رجل على شؤون الدولة)
ولقد ذاعت الإشاعات يومئذ أن ميرابو أخذ من الملكة مبلغاً طائلا، وهكذا يأبى شؤم طالعه إلا أن يلازمه فيرمى بالخيانة منذ ذلك التاريخ الباكر
اعتزم الملك نقض قرارات الجمعية، وعول على الذهاب بنفسه إليها، وحدد لذلك اليوم