للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وكذلك قل في الصحف الباقية اليومية منها والأسبوعية، فانك لن تجد فيها إلا ما هو أقرب إلى الأدب السياسي في بعض الأحيان منه إلى الأدب الخالص

ومما يؤلم ويستفز النفس أن الصحف في العراق لا تتكبد في نشر الأدب شيئاً مادياً، بل كل ما ينشر فيها تقريباً (أدب تبرع) وليس أدباً مأجوراً، وهو بذلك أقوم وأفيد بطبيعة الحال من ذلك الأدب الذي تستنطقه المادة، ولكن أصحاب الصحف (الأدباء) لا يكلفون أنفسهم عناء الاستكتاب، بل قد وصل الأمر بهم إلى الاقتصار على الأخبار والأمور السياسية وإهمال الناحية الأدبية بالمرة!

وهذا ما يثبط عزم الأديب العراقي، ويفت في عضده ويكسر من خياله وهمته، فهو لا يخسر التشجيع والتعضيد فقط، بل عليه أن يجتاز الصحافة اجتيازاً، وفي ذلك ما فيه من المغامرة والخسران، فإن من البديهي أن مهمة الصحافة هي التمهيد للأدب والدعوة له وتقديمه، لا الوقوف في وجهه وتثبيط عمله بطريق غير مباشر!

المؤلف والناشر

أكثر ما ينشر في بغداد بل كله كتب مدرسية غير مستكملة حتى الشروط المطلوبة في مثل هذه الكتب، وأكثرها مترجم ومقتطع من الكتب الغربية، وهي تبدل حسب مناهج التعليم كل سنة، وفي بعض الأحيان في أقل من السنة! ولو استثنينا بضعة كراريس في المسجلات الأدبية كالسهام المتقابلة، وبضعة أقاصيص ابتدائية للأستاذ محمود أحمد، كمصير الضعفاء وما إليها، فلن نجد كتاباً أدبياً نشر في السنين الأخيرة غير لب الألباب للسهروردي، والمجمل في الأدب العربي لمحمد بهجة الأثري، وتاريخ العراق بين احتلالين لعباس العزاوي!

هذا كل ما هنالك!

وفي هذا كل معاني الفقر! وإنه ليجرح عزة هذه الأمة وكرامتها أن تقفر هذا الإقفار من الأدب الذي هو قوام الحياة، وإنه لأقطع دليل على أن هذه الخلائق لم تستوف ضرورات الحياة، ولم تصل بعد إلى إدراك معانيها وتشوفها، وأنهم - بأدبهم - يعيشون كَلاَّ على غيرهم!

فليس هناك إذن لا (مؤلف) ولا (ناشر)، وإن وجد أحدهما فليس بينه وبين الثاني تفاهم،

<<  <  ج:
ص:  >  >>