وإن وجد كلاهما فانهما يكونان وقتئذ أقرب إلى المرابين منهما إلى المشتغلين بالمعنويات والخدمة العامة
والمطبعة العراقية فقيرة إلى حد مزر، فهي لا تزال على نمط المطابع قبل عشربن سنة؛ وهناك جريدة يومية كانت تطبع بمطبعة تدار باليد إلى زمن قريب؛ وليس هناك من نوع اللينو تايب غير واحدة في مطبعة الحكومة! وبالطبع ليس هناك (روتغراف) أو شبهه! ومن هنا نعرف سبب إقبال القارئ العراقي على الجرائد المصرية المصورة، إذ ليس في العراق جريدة أو مجلة مصورة!
القارئ
يتذمر أصحاب الصحف من مشكلة (القراءة) وهي أن باعة الصحف يتفقون وبعض القراء على السماح لهم بتصفح جميع الصحف اليومية لقاء أجر زهيد يستعيضون به عن شرائها، وأن الصحفيين بهذا (الداء) كما يسمونه يلقون أشد العنت والإرهاق والعسر في تحسين صحافتهم! ولا أكذب القارئ أني شهدت مرات عديدة قسما من المشتغلين بالصحافة اليومية يتبعون هذه الطريقة سراً وجهراً، وذلك لأنهم يجدون من الصعب منح الصحيفة العراقية ثمنها لأنها في الحقيقة لا تساويه! وهذا إقرار مزر لا يجد الإنسان معه إلا الوقوف مكتوف اليد!
وليس من الحق لوم القارئ العراقي وحده، فان هذا الشخص الذي لا يسخو على صحيفته بثمنها يبذر في شراء الصحف المصرية اليومية منها والأسبوعية والشهرية تبذيراً، فهو يشتري الصحيفة المصرية اليومية بضعف ثمن الصحيفة العراقية! ولا يبخل على المجلة المصرية بثمن عددها الذي قد يبلغ في بعض الأحيان ثمن اشتراك نصف سنة في مجلة عراقية!
فالجلي من هذا أن القارئ العراقي لا يضمر العداء لصحيفته، وأن الأديب العراقي لا يحجم عن تغذيتها، بل السبب في كل ذلك هو شيء من سوء التفاهم القائم على إهمال مصلحتيهما. فالصحفي يريد التشجيع بدون مقابل، والقارئ يريد التحسين بدون مقابل، وكلاهما لا يحرك ساكناً في دفع هذا (المقابل)