- (إذن، أجب أيها البائس بدورك! ولكن، اذكر لنا أولاً: ما أنت؟ وما موطنك؟ وأي غم يلم بك؟ ثم ادفع التهمة عن نفسك إن تكن باطلة، واذكر إن كنت على حق إن صح أنك قتلتها. . . إني لأراك تلوذ بوثني، وتستجير بقدسي، قل. . . أجب. . . تكلم. . . قل الحق. . . والحق الصراح)
وكفكف أورست عبراته، وقال:
- (إلهتي ربة العدالة)
لو كنت مجرماً سفاك دماء ما جسرت أن ألوذ بك، ولما قويت على اقتحام قدسك وتدنيس بساطك والتعلق بوثنك، وإن سفاكا مجبولا على الشر لن يستطيع أن ينبس بدعوى كاذبة في حضرة مينرفا ربة العدالة التي تستشف الأسرار وتدرك خافية القلوب وخائنة الأعين بلمحة طائرة من عينها الصائبة. . . ولقد وقفت أمام آلهة أخرى من قبل، فما كنت أجسر على قولة أرسلها إلا أن تكون حقاً. . . . . . . . . . . . إذن، أنا مواطن من آرجوس، وأبي، يا ويح له من أب، أحد عبادك المخلصين؛ إن لم يكن أحبهم إليك. . . أجاممنون يا ربة العدالة! أجاممنون قائد جندك وأمير أسطولك، الذي أعنته على أعدائك، فأنتصر على بريام وقهر إليوم، وعاد ليسبح بحمدك ويشكر لك. . . ولكن! يا للهول! لقد دبرت له زوجته الآثمة. . . أمي. . . أمي التي خانت عهد زوجها، وداست عرض مملكتها، وفتحت قلبها لغير رجلها. . . أمي هذه يا ربة العدالة قد دبرت لرئيس جندك، وأخلص عبادك قتلة غادرة، تكتنفها الظلمات، وتضرب من حولها الأسرار، فذبحته يوم عودته من الجهاد في سبيلك والذود عن اسمك، غير راعية فيه إلاً ولا مبقية على عهد. . . . . .
ثم لم تبال أن تعترف، وجثته بين يديها، أنها قتلته. . . وأنها صاحبة دمه. . . . . . وكانت قد قذفت بي، إذ أنا طفل أحوج ما يكون إلى حضن أم وفؤاد أب، إلى أعماق منفى سحيق مقفر، أعاني الذل وأدرج في حجر التعاسة، فلما شببت وبلغت الحلم، كان أول واجب علي في الحياة أن أثأر لأبي المظلوم، من أمي الآثمة، فعدت إلى آرجوس وقتلتها. . . أجل. . . قتلتها. . . قتلت المرأة التي قتلت أبي. . . أقر. . . أعترف. . . قتلت أتعس الأمهات، فهل سمعتن يا ربات العذاب وزبانيات جهنم!؟. . . . . . ذلك إذن وزري، إن