كان في مثل هذا العمل وزر. . . وقد شاركني فيه أبوللو. . . أوحى إلي أن أقتل أمك. . . فقتلتها. . . ولو لم تكن آثمة من قبل ما أرقت قطرة واحدة من دمها. . .
هذه يا ربة العدالة قضيتي فرَيْ رأيك فيها وأنا قابله. . . وسأخضع له. . .)
وأجهش أورست بالبكاء. . . فبدا التأثر الشديد على وجه إلهة العدالة. . .
- (قضية معضلة، وكان حري بكم يا بني الموتى ألا تضطلعوا بها. . . بل أنا نفسي أكاد أجاوز حدودي حين أقيم من نفسي فيصلاً فيها بينكم! وَيْ! لقد أقدمت على عجل إلى أثينا. . . مقدسي وطوبايْ. . . فيالك من لاجئ مهيض الجناح، مبَلبل الروح. . . في حين تبدو صحيفتك غراء ناصعة!. . . ولكن!. . . أصغ إلي يا أورست! لقد كدت أدعوك مواطناً. . . لولا ما ينبغي لك من إيضاح براءتك، وتمهيد طريقك، ورأب الصدع الذي تلج منه إلى اتهامك ربات الذعر. . . اللائى يأبين إلا أخذ المجرم بجرمه. . . لأنه عملهنّ، ولا محيص من أدائه لهن. . . فجلِّ برهانك، وأعد حجتك، وأيد حقك بيقين يقشع الشك. . . حتى أعود بالمحلفين العدول من أثينا، لأشركهم في هذه الحكومة الشائكة، والقضية المربكة. . .)
(تخرج مينرفا)
- ٨ -
ويستولي طائف من الشك على ربات الذعر، وتروعهن عن مينرفا هذه النعومة التي لقيت بها أورست، فيهزجن بنشيد طويل من موسيقى الجحيم، كله قصف وكله رعد، وكله ودق يخرج من هذه الأفواه الشائهة، والألسن التي تتلوى كألسن النيران. . . وينعين على الإنسانية ما يعصف بها من ظلم إذا انتصرت الجريمة، ولم يقف في سبيلها قصاص. . . (هنالك تنقلب الدنيا فتصبح مباءةً للاثم، وهنالك يغدو الناس شراذم من اللصوص وقطاع الطرق والسفاكين، وهنالك لا يأمن والد على نفسه من ولده، ولا أم هي مطمئنة على حياتها من أبنائها. . . ويومئذ تعم الشرور وتطغي الويلات. . . حتى لا يكون شبر من الأرض فيه أمان لآمن، مادمنا نحن نائمين عن المجرمين لا نأخذهم بآثامهم، ومادام هؤلاء الأرباب يضربون سلطانهم علينا، ويتدخلون في شؤوننا، من غير حق ولا برهان مبين. . . . . .)
وتدخل مينرفا، فتهتف بسادن المعبد قائلة:
- (أذِّنْ في عبادي بالصمت أيها السادن، أو انفخ في صورك حتى تردد أصداؤه في