نصوص معاهدة الصلح الخاصة بمنطقة الرين ضد الدولة التي ترتكب المخالفة؛ وهذه الإجراءات هي التي اتبعت في الحال عقب تصرف ألمانيا؛ فقد اجتمعت دول لوكارنو وهي فرنسا وبريطانيا العظمى وبلجيكا وإيطاليا في مؤتمر عقد أولا في باريس ثم نقل إلى لندن، واستدعى في الحال مجلس عصبة الأمم إلى دورة خاصة تعقد في لندن أيضاً لبحث الموضوع طبقاً لنصوص ميثاق العصبة التي يحيل إليها ميثاق لوكارنو؛ وكان المفروض أولا أن مؤتمر لوكارنو لم يجتمع إلا ليسجل انتهاك ألمانيا لمعاهدة الصلح وللميثاق وأن مجلس عصبة الأمم لم يجتمع إلا ليسجل مثل هذا الانتهاك وليتخذ ما يقضي به ميثاق العصبة من إنصاف الدولة المعتدى عليها وتقرير العقوبات الاقتصادية على الدولة المعتدية، إذا هي لم تذعن للتسوية الودية؛ وكانت هذه هي أول وجهة للسياسة الفرنسية، وكانت فرنسا أشد دول لوكارنو غضباً وتشدداً باعتبارها هدف (الاعتداء) الألماني، وكانت ترجو أن تحمل باقي الدول الموقعة معها، ولا سيما بريطانيا على اتخاذ سياسة الشدة والإرغام وحمل ألمانيا على سحب جنودها من الرين قبل التفاهم معها على أية تسوية جديدة؛ ولكن ظهر منذ المقابلات والمباحثات الأولى أن الاتفاق لم يكن تاما بين دول لوكارنو، وأن فرنسا تكاد تقف وحيدة في تشددها لا يؤيدها سوى بلجيكا إلى حد ما. ذلك أن إنكلترا لا تنظر إلى تصرف ألمانيا بنفس العين، وترى أنه قد حان الوقت منذ بعيد لأن تفوز ألمانيا بحقها في المساواة في التسليح والضمانات السلمية، وأنه ليس من العدالة ولا من الممكن أن ترغم أبد الدهر على قبول هذا الإرغام والإجحاف، وأنه خير للسلام الأوربي أن يسمح لألمانيا بالتعاون مع باقي الدول العظمى على قدم المساواة والتفاهم؛ هذا ومن جهة أخرى فقد رأت إنكلترا الفرصة سانحة لأن تلقي على فرنسا درساً في قيمة التعاون البريطاني، وأن تؤاخذها بطريقة عملية فعالة على موقفها في المسألة الحبشية وعلى ما أبدته من التلون والمخادعة والمماذقة في مؤازرة إيطاليا وتفويت غرض السياسة البريطانية من الضغط على إيطاليا وفرض العقوبات الاقتصادية عليها عن طريق عصبة الأمم؛ أما إيطاليا فقد رأت أيضاً فرصة سانحة للمساومة والمطالبة بإلغاء العقوبات المفروضة عليها إذا أريد أن تقوم بنصيبها من العهود المفروضة في لوكارنو
لهذا كان تصدع جبهة ميثاق لوكارنو ظاهرا؛ وكانت ألمانيا من جهة أخرى قد وضعت