ويحرم الدين الإسلامي الخصاء في الإنسان والحيوان، وورد في ذلك أحاديث؛ وقد اعتبر أبو العباس رضي الله عنه الخصاء عملية شيطانية يحرمها المولى
وقد دفعت أبهة الملك معاوية بن أبي سفيان فجارى ملوك الروم في اتخاذ الخصيان فكان أول من أتخذهم في الإسلام كما ذكر المسعودي. ومن ثم تفشت هذه العادة في الدول الإسلامية وخاصة عند بني عثمان وعنهم أخذنا كلمة (أغا) للخصي، وأصل الكلمة أقا بالفارسية بمعنى السيد؛ ويعني بها العثمانيون الأخ الأكبر وصف الضابط ورئيس فرقة الانكشارية، ثم أطلقت على الخصي، وقد انتشر هذا الاسم في ممتلكات آل عثمان كالشام ومصر والجزائر وغيرها
وكان جميع خصيان مصر وشمال إفريقيا وبلاد العرب والشام وتركيا من السود والحبشان، وأصلهم من الرقيق يخصونهم في بلدة باجرمي بالسودان
وقد تكلم عن الرقيق بمصر بورخهاردت وهو رحالة سويسري كان في خدمة الإنجليز جاء إلى مصر وقام في ٢٢ فبراير سنة ١٨١٣ من أسوان إلى بلاد النوبة، وكان يحكمها إذ ذاك أولاد حسن كاشف الثلاثة، فذكر أن بورغو غرب دارفور كانت مكان خصاء الرقيق ومنها كان يحملون إلى سواكن ومكة والمدينة ومصر، ولكن السواد الأعظم من الخصيان يرسلون إلى أوروبا وتركيا كانوا من الرقيق الذي كان يحمل إلى أسيوط، وكانوا يخصون في قرية تسمى زاوية الدير قرب أسيوط، وكان يقوم بهذه العملية راهبان من أهلها حازا شهرة كبيرة في ذلك. وكانا محط ازدراء المصريين جميعاً؛ ولكنهما كانا يقومان بهذه العملية تحت حماية الحكومة مقابل ضريبة سنوية يدفعونها
ونسبة الوفيات من الخصاء منخفضة بعكس ما قد يعتقد، فقد مات من جرائها اثنان من ستين ولدا خصوا في خريف سنة ١٨١٣، ولا تزيد النسبة في العادة على اثنين في المائة. وكانت عادتهم أن يقوموا بهذه العملية حال وصول القافلة من دارفور أو سنار ويختار لها الأولاد من سن الثامنة إلى الثانية عشرة الذين يمتازون بقوتهم وتناسق أعضائهم وذكائهم
وكانت أجرة العملية ستين قرشا. وقد بلغ متوسط ما كان يخصي بأسيوط مائة وخمسين خصياً في السنة، وكان ثمن الخصي بأسيوط في هذا العهد ألف قرش
ويقول بورخهاردت إنه في سنة ١٨١١ أمر محمد علي باشا أن يخصي مائتا عبد دارفوري