فالاحساسات هي أساس نشوء الحياة العقلية، ولذلك عمد وند لدراسة زمن الرجع وهو الزمن الذي ينقضي بين وصول المؤثر وبين حصول الرد عليه، لأنه دليل على سرعة العمليات العقلية، وكان يساعده في أبحاثه الأمريكي كاتل الذي لاحظ أن الأشخاص يختلف بعضهم عن بعض في زمن الرجع، وكانت أبحاثه ضد رغبة أستاذه وإن كانت تعتبر الآن من الينابيع التي غذت المقاييس العقلية
ثانياً: دراسة الوراثة في إنجلترا: وأول من بدأ بدراستها هو فرنسيس جالتون وهو أحد أقارب داروين واشترك معه في أبحاثه في نظرية النشوء والارتقاء، ولكن داروين كان كل همه دراسة وراثة الإنسان من وجهة الجسم فقط فاهتم جالتون بدراسة وراثة الصفات العقلية، وقد نشر سنة ١٨٨٣ كتابه (أبحاث في القوى العقلية) وبه عدة أبحاث خاصة بالخيال ومحاولات بسيطة لقياس الصفات العقلية، ثم فتح في لندن معملا للقياس العقلي والجسمي، وسماها مقاييس انتروبولوجية (خاصة بدراسة البشر)
على أن بحث السير جالتون هذا وإن كان خلوا من الملاحظات والنتائج إلا أنه يعد أول عالم فكر في موضوع الذكاء وقياسه
ثالثاً: حركة علم النفس الطبي في فرنسا: أخذ علم النفس يتجه اتجاها عمليا في فرنسا وذلك لأن الفرنسيين مهتمون بالطب، ولأن علم النفس يتصل بالطب اتصالا تاما، ومن الموضوعات التي كان لها أثر في القياس العقلي ظهور مسألة قياس ضعفاء العقول فأخذ الناس في القرن الثامن عشر يهتمون بهم ويتفهمون حالتهم ويحاولون علاجهم. ساعد على ذلك عثور صياد في غابة بفرنسا على طفل في حالة همجية، فأخذه إلى باريس وفحصه الأطباء وعهدوا بتربيته إلى فيلسوف طبيب اسمه إتار وكان طبيبا في معهد الصم والبكم، فجرب على الطفل الطرق الحسية ليرى تأثيرها على تعليمه وتحوله من الهمجية، وبعد مضي مدة وجد أن التقدم في حالة الطفل بطيء فأرسله إلى معهد خيري، حيث كان يشتغل طبيب اسمه سيجان وكان تلميذاً لأتار فلم ييأس هذا من استعمال الطرق الحسية مع الولد حتى نجحت وتقدم الولد تقدما ملموسا
ذلك إلى إنشاء مدرسة لتربية ضعفاء العقول على طريقة وشاع استعمال هذه المدارس ثم جدت مشكلة الحكم على عقل الطفل فحمل ذلك وزارة المعارف في فرنسا على إنشاء لجنة