لدراسة هذه المشكلة، وكان من بين أعضائها بينيه الذي عمل أول مقياس عملي للذكاء سنة ١٩٠٤
المرحلة الثالثة
ذكرنا أن كاتل كان يبحث مع وند في ألمانيا وزار جالتون في لندن، ولما عاد إلى أمريكا عين مدرساً لعلم النفس فنشر سنة ١٨٩٠ برنامجاً للقياس العقلي اقترح فيه أن تطبق مقاييس خاصة على طلبة مدرسته، وكانت المقاييس بسيطة تقاس بها القوى الحركية والتمييز الحسي ومظاهر أولية للذاكرة والحكم
نشر كاتل هذه الاختبارات في مجلة إنكليزية ذيلها جالتون بالتعضيد فآثر نشرها في أوربا وأمريكا وطبقها علماء النفس حتى أنه في سنة ١٨٩٦ استأجر جاسترو مكانا في معرض شيكاغو وأخذ يختبر ذكاء الأشخاص نظير أجر، ثم أخذ كاتل في تطبيق هذه الاختبارات على الطلبة في جامعة كولومبيا نشرت نتائجها سنة ١٩٠١ وقارن جلبرت نتائج هذه الاختبارات التي عملت على الطلبة بنتائج حكم المدرسين على الطلبة أنفسهم، فوجد أن الاتفاق بين الاثنين ضعيف جدا
ومن ذلك نرى أن هذه المقاييس لم تكن مضبوطة، ولم تدل على الذكاء تماما، لأنها تقيس قوى فردية ليس بينها وبين القوة العقلية العامة علاقة متينة، وقد أدى هذا النقص إلى التحول عن هذه المقاييس وأصبحت جامعة كولومبيا تحت رئاسة مركزا للبحث في هذه المقاييس، وبالتدريج تغلبت الروح العلمية فأخذ علم النفس صبغه طبية في فرنسا، وابتدأ الفرنسيون يهتمون بقياس العمليات العقلية ذات الأهمية الظاهرة في الحياة، وفي سنة ١٨٩٦ ظهر مقال للعلامة بينيه في مجلة السنة النفسانية التي اتخذها مسرحا لنشر أبحاثه المختلفة، وكان يحرر الجزء الأعظم منها بنفسه باذلا في ذلك مجهودا كبيرا ومهتماً من البداية بمسألة الذكاء وقياسه معالجا إياه من نواح عدة، وقد لخص بينيه الأبحاث التي عملت قبل ذلك وحمل على الاختبارات الموجودة حملة شديدة إذ كانت تقيس قوي عقلية بسيطة ليست مهمة في الحياة، فكانت حسية وحركية، ولكن الناس لا يتميزون في الذكاء بقوة الإحساس والحركة وإنما يتميزون بقوة الحكم والخيال والذاكرة. وذكر بينيه أيضا في مقاله أنه لابد لقياس الذكاء من ترك المقاييس القديمة والبحث عن أخرى لقياس القوى