هذا وأما أعلام الوافدين على القاهرة وأزهرها في ذلك العصر فنستطيع أن نذكر منهم عدة أيضاً. منهم العلامة الأندلسي أمية ابن عبد العزيز بن أبي الصلت، وفد على مصر في أوائل القرن السادس أيام الأفضل شاهنشاه، وأقام حيناً بالقاهرة يتصل بمعاهدها وعلمائها وأدبائها؛ وكان ماهراً في الرياضة والفلك والموسيقى والعلوم الطبيعية، وكان أيضاً أديباً شاعراً بديع النثر والنظم؛ ألف كثيراً من الكتب في مختلف العلوم، ووضع رسالة عن علماء مصر وأدبائها في هذا العصر، وتوفي سنة ٥٢٨هـ
ومنهم العلامة المقرئ الشهير أبو القاسم الرعيني الشاطي الضرير، ولد بشاطبة من أعمال الأندلس في سنة ٥٣٨هـ، وبرز في علوم القرآن، واشتهر بالأخص بالتضلع في علم القراءات، وقدم إلى مصر عقب سقوط الدولة الفاطمية وقيام الدولة الأيوبية (سنة ٥٧٢هـ) يسبقه صيته، وتصدر للأقراء والدرس بالقاهرة يدرس القرآن وعلوم اللغة، فهرع إليه الطلاب من كل صوب، وكان إمام القراءات في عصره. ووضع في علم القراءات قصيدته الشهيرة المسماة (حرز الأماني ووجه التهاني)، وأنشأ بمصر مدرسة حقة للقراءات؛ وتوفي سنة ٥٩٠هـ
ومن الشعراء الذين وفدوا على مصر أيام الدولة الفاطمية، واتصلوا بمعاهدها وأدبائها، أبو حامد بن محمد الانطاكي، المعروف بأبي الرقعمق الشاعر المتفنن الماجن، وفد على مصر في أوائل الدولة ومدح المعز لدين الله وولده العزيز والوزير ابن كلس وتوفي سنة ٣٩٩هـ؛ وأبو الحسن علي بن عبد الواحد البغدادي المعروف بصريع الدلا، قدم إلى مصر أيام الحاكم بأمر الله ومدحه، وتوفي سنة ٤١٢هـ وهو صاحب المقصورة الهزلية الشهيرة التي يعارض فيها مقصورة ابن دريد؛ ومنهم الشاعر الأشهر عمارة اليمني، وهو أبو محمد عمارة بن أبي الحسن، قدم إلى مصر سنة ٥٥٠هـ في خلافة الفائز بن الظافر، وكان فقهياً أديباً شاعراً فائق النثر والنظم، شهد سقوط الدولة الفاطمية ورثاها، واتهم بالتآمر مع آخرين على السلطان صلاح الدين، وأعدم سنة ٥٦٩هـ، ومن آثاره كتاب أخبار اليمن، وكتاب النكت العصرية في أخبار الوزراء المصرية
ومن الرحل الذين وفدوا على مصر في ذلك العصر، الرحالة الفارسي ناصري خسرو، قدم إليها سنة ٤٣٩هـ في خلافة المستنصر بالله، وشهد أزهرها، وأشار إليه خلال وصفه