للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

العربية إلى اللغة اللاتينية، وهي لغة الأدباء والعلماء في القرون الوسطى، حتى أن كثيراً مما بقى من مؤلفات ابن رشد حفظت إلى الآن باللغة اللاتينية ولا نجد أصلها بالعربية، وكان من أشهر من قام بهذه الحركة (ريموند) الذي كان مطراناً لطليطلة من سنة ١١٣٠ - سنة ١١٥٠، فقد أسس جمعية لنقل أهم الكتب الفلسفية والعلمية العربية إلى اللغة اللاتينية، فنقلوا من العربية أهم كتب أرسطو وما علقه عليها العرب من شروح، كما نقلوا أهم كتب الفارابي وابن سينا، وكان من أثر هذه الجمعية أن رأينا منطق أرسطو المترجم من العربية إلى اللاتينية يقرأ في باريس بعد ثلاثين سنة من عمل هذه الجمعية. وقد مرت حركة استفادة الأوربيين من الثقافة اليونانية في ثلاثة أدوار، الدور الأول: نقل الفلسفة اليونانية والكتب العلمية من العربية إلى اللاتينية، والدور الثاني: النقل من اليونانية مباشرة بعد سقوط القسطنطينية. والثالث: نقل الشروح العربية إلى اللاتينية

وجاء فردريك الثاني سنة ١٢١٥، واتصل بالمسلمين اتصالاً وثيقاً في صقلية وفي الشام في حروبه الصليبية، واقتبس كثيراً من آرائهم وعاداتهم وعقائدهم، وقد وصفه المؤرخون بأنه كان يعجب بفلاسفة المسلمين، وكان يعرف اللغة العربية ويستطيع أن يقرأ بها الكتب الفلسفية في مصادرها الأصلية. وأنشأ سنة ١٢٢٤ مجمعاً في نابلي لنقل العلوم العربية والفلسفة العربية إلى اللاتينية والعبرية لنشرها في أوربا. وبفضل فردريك ذهب (ميكائيل سكوت) إلى طليطلة وترجم شروح ابن رشد على أرسطو، وقبل ذلك كانت قد نقلت إلى اللاتينية جمهرة من كتب ابن سينا واستعملت في باريس حول سنة ١٢٠٠م

وفي القرن الثالث عشر كانت كل كتب ابن رشد تقريباً قد ترجمت إلى اللاتينية ماعدا كتباً قليلة، منها كتاب تهافت التهافت الذي رد به على تهافت الفلاسفة للغزالي، فقد ترجمت في القرن الرابع عشر

وكان أهم مركز لتعاليم ابن رشد في جامعة بولونيا وجامعة بادوا في إيطاليا ومنهما انتشرت هذه الثقافة في إيطاليا الشمالية الشرقية إلى القرن السابع عشر، واستمرت كتب ابن سينا في الطب سائدة إلى ما بعد هذا العصر

ورجال النهضة الحديثة الذين قاموا بحركة الثورة الفكرية كانوا يدرسون على هذه الكتب، أو يتتلمذون لمن درسوا عليها، فروجر بيكون الذي سبق أهل زمنه في معارفه وطريقة

<<  <  ج:
ص:  >  >>