تعمل في مصنع كبير - تؤدي عملا، وكأنها جزء من تلك الآلة، يرهقها العمل المضني المتشابه الذي يبعث السأم، ويؤدي بها إلى نوع من الهستيريا. وترسل إلى مستشفى الأمراض العقلية حيث يعاودها الهدوء والسكنية. وعندما يسمح الطبيب لها بمغادرة المستشفى نراه ينصح بالابتعاد عن كل ما يثير الأعصاب؛ ولكن لا تكاد تتصل بالحياة حتى ترى تيارها الزاخر الصاخب، وحركات المرور، وكل ما هو وليد المدنية والعصر الآلي
ثم يصور شارلي بؤس العامل العاطل، وكيف تقسو الحياة على أطفاله، فيغدون لصوصا وما هم بلصوص، وإنما هم طلاب قوت. ونرى المظاهرات ومقاومة رجال الشرطة للعمال واقتيادهم إلى السجن، وحيث يقدم إليهم الطعام والشراب. وهنا تبدو سخرية شارلي من النظم الاجتماعية، فإن العامل يأسف على مغادرة السجن ويود لو بقي فيه، فالطعام والشراب خير لديه من الحرية التي يتغنى بها الناس!!
وتتصل أسباب الصداقة بين شارلي وابنة أحد العمال الذين قتلوا في مصادمة مع رجال الشرطة، ونرى شارلي جالساً يحدثها ويعرض على الشاشة حلم اليقظة. فنراهما يعيشان معاً في كوخ جميل، وشارلي على مقعد يمد يده دون جهد فيتناول حبات العنب من عناقيدها المدلاة، ويمد يداً ثانية فيتناول فاكهة أخرى، ثم يسير إلى بقرة ويضع تحت ثديها آنية فتدر اللبن وحدها دون أن يبذل هو أي جهد في حلبها، وإنما يرمي شارلي بهذه الصور جميعاً إلى أن العامل لا يحلم إلا بالراحة؛ فهو في حلمه لا يريد حتى أن يبذل أي جهد، وينقضي الحلم ونراهما في اليقظة بعد أسابيع قليلة في كوخ متداع حقير، لا يصلح مأوى لأحقر الحيوانات، ومع ذلك فهما سعيدان معا. فالعاطفة التي بينهما كافية لأن تبعث السعادة في نفسيهما وتعوضهما عن كل شيء آخر
هذه الآراء التي صورها شارلي والتي جئنا على ذكرها خير ما في الفيلم، ولو أنه اقتصر عليها وأحكم الرابط بين أجزائها لجاء الفلم قوياً. فالبقية ليست إلا حشواً وتكراراً
فهو في عمله كحارس ليلي يلبس النعل ذا العجلات ويتزلج معصوب العينين يلهو ويمرح، لم يفلح في بعث السرور إلى النفس، وهؤلاء العمال الذين تسللوا في الظلام إلى حيث يجدون الطعام ترديد لفكرة سبق أن صورها، وكذلك هو مع رئيسه في المصنع الجيد