جديد لها، ثم تتوالى السنون بموت ألوف من الأطفال بسبب هذا العلاج المزعوم، ألوف كان في الإمكان إعفاؤها من الموت لو أننا اتبعنا طريقة البحث الصحيح على ما بها من قساوة. . .)
إن في هذا الحجة جواب العلم الدامغ لكل ذي رأي يقوده قلب. ولكن رو لم يصخ إليها، ومن ذا الذي يلوم هذا القلب أن يتنكّب الطريق القاسية التي تؤدي وحدها إلى علم الحقيقة. وتجهزت المحاقن، وجرى مصلها اندفاعا تحت جلود الأطفال فانتفخت به، بدأ رو في أداء رسالة الرحمة، ولعلها رسالة الخلاص كذلك، فحقن في المستشفى في الخمسة الأشهر التالية من الأطفال المهدّدين بالموت زيادة على ٣٠٠ طفل. ثم ظهرت النتائج! ألا حمداً لله فقد كانت نصراً لرو ذي القلب الإنساني الرحيم، فما انتهت تجاربه في هذا الصيف حتى قام في مؤتمر جمع نوابه الأطباء وخيرة العلماء من أصقاع الدنيا فقال لهم:(إن حالة الأطفال إذا حُقِنوا بالمصل تتحسن سريعاً. . . فلا يكاد يقع الناظر في عنابر المستشفى على وجه فاقد اللون أزرق كالرصاص. . . بل على النقيض يجد الأطفال في نشاط وابتهاج)
واستمر يصف في بودابست للمؤتمرين كيف يذهب المصل بهذا الغشاء المخاطي الرمادي الذي يتكون في حلوق الأطفال وعليه تتكاثر بشلة الداء ومن فوق بساطه ترمي بسمها القاتل، ووصف لهم كيف يذهب هذا المصل بحُمّاهم كذلك: كان كنسمة باردة هبت من بحيرة شمالية على مدينة جنوبية فمرت على أفاريزها وهي تتقد ناراً. فهتف له هذا المؤتمر الوقور، وقام له أطباؤه الأشهرون على أرجلهم إكباراً له وإعجاباً بالذي أتاه
ومع هذا - ومع كل هذا - وبرغم هذا المصل العجيب، فقد مات من مرضى رو ستة وعشرون في كل مائة!!
ولكن اعلمْ أن ذلك العصر كان عصراً تغلب فيه العاطفة، واذكرْ أن هذا المؤتمر لم يجتمع، ورو لم يذهب إليه، لخدمة الحقيقة وإنما ليحتفلوا بخلاص الأرواح وليناقشوه ويختطوا له الخطط، وكان الناس عندئذ قليلي الاهتمام بالأرقام، وكانوا أقل اهتماماً بالنُّقّاد الثقلاء الذين يُلحون في طلب مقارنتها، وكانوا في تأثر شديد عندما استمعوا لرو وهو يصف لهم ما كان من تبريد المصل لجباه الأطفال بعد اشتعالها. على أن رو كان في مقدوره الرد على نقّاده بين تصفيق العظماء النابهين من سُماعه بأن يقول لهم: (وما ستة وعشرون يموتون في