للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المائة! يجب أن تذكروا أنه قبل هذا العلاج كان يموت خمسون في المائة)

ومع هذا أيضاً فأنا أقول - أنا الذي أودّ أن أومن بهذا الترياق وبحسن أثره في علاج الدفتريا - أقول بعد أن مضى على ذلك الزمان بضعة عقود: إن الدفتريا داء غريب، يزيد خبثه أحياناً، ويقل أحياناً. ففي بعض الأحقاب يبلغ الموت في مرضاه ستين في المائة، ثم هو يحل به أمر خفيّ غريب يُضعف من مكروبه فإذا بالستين تنزل إلى عشرة، وهكذا كان الحال في عصر البطولة الفائتة، عصر رو وبارنج. ففي هذا العصر في بعض مستشفيات إنجلترا نزل معدَّل الموت من أربعين إلى اثنين وعشرين في المائة - وهذا بالتحقيق قبل أن يُستخدم المصل!

ولكن الأطباء الكبراء لم يأذنوا للأرقام أن تدخل في تفكيرهم، وحملوا خبر الترياق إلى أركان الأرض الأربعة، فلم تمض إلا سنوات قليلة حتى استقر المصل في الأدوية علاجاً للدفتريا. واليوم لن تجد طبيباً في الألف لا يحلف لك بأنه علاج بديع. والدفتريا اليوم ليست على خبثها الذي كان لها في العقد التاسع من القرن الماضي، والأطباء لا يفتأون يعطون المصل لكل طفل تناله تلك البشلات الفاترة الجارية الآن حاسبين أنه به الشفاء. . . والطبيب الذي يمتنع عن إعطاء المصل يُعَدّ بحق مذنباً اعتماداً على القدر الذي نعلم من أمر هذا العلاج اليوم. وأنا نفسي لو أن طفلاً لي أصابه هذا الداء لكنت أول مسرع إلى الطبيب ليحقنه بهذه الحقنة نفسها. ولم لا؟ فلعل الصبي يشفى حقاً. أنا لا أدري أنه لا يشفى، ولا يدري غيري أنه لا يشفى، وقد فات الأوان لإثبات أنه يشفي أو لا يشفي، فالدنيا الآن تؤمن به، فلا يوجد في الرجال رجل تبلغ به قسوة القلب، أو جرأة النفس أن يقوم بالتجربة التي يتطلبها العلم لإثبات اليقين

واليوم يؤمن البحاث بالذي آمن به رو من أمر هذا المصل، فهم في شغل شاغل بمباحث أخرى. وكل الذي أرجوه أن يكون رو صادقاً في الذي آمن به، حتى إذا هبّت على العالم هبّة من وافدة خبيثة من الدفتريا، وافدة في خبث تلك التي كانت في العقد التاسع من القرن الماضي، يكون للناس من هذا المصل وقاء صادق يدفعون به شرها غير مخدوعين فيه

على أنه حتى إذا لم يكن في هذا المصل شفاء الدفتريا - ولو أن الأرجح فيه الشفاء - فالتجارب التي قام بها رو وبارنج لم تضع سدى على ما نعلم اليوم. بالطبع قصة ذلك لا

<<  <  ج:
ص:  >  >>