للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والناصح الذي إذا نصح أخلص النصح؟)

- (أيتها الملكة؟. . . نحن عبيدك وبعض رعاياك. . ولك في أعناقنا الولاء والوفاء. . . تكلمي بما تشائين وثقي من إخلاصنا ومحض نصحنا)

- (إذن فما هذه الأحلام المروعة والرؤى المفزعة التي تجتاحني كل ليلة حين آوي إلى الفراش، منذ أن انطلق ابني بهذا الجيش اللجب ليغزو بلاد اليونان؟ على رؤيا أمس لم تكن مثلها رؤيا قط. ذلك أنها كانت واضحة بينة حتى ما تكاد تحتاج إلى تفسير أو تفتقر إلى تأويل. . . رأيت فتاتين هيفاوين ممشوقتي القد، إحداهما دورية ناهدة تميس في حلي وفي حلل؛ والأخرى فارسية سمهرية، تختال في برد ووشى وأفواف. . . رأيتهما تقبلان إحداهما على الأخرى، ثم تأخذان بتلابيب بعضهما البعض، ويكون شجار بينهما، لأن إحداهما بغت على أختها، وحاولت الاستئثار بدارها من دونها. ورأيت ابني إجزرسيس مشرفاً عليهما من مرتقى صعب، فلما استحر القتال بينهما نزل إلى حيث حاول أن يجعل نيره في عنقيهما معاً. . . وذلت إحداهما واستكانت، ولكن الأخرى، ولكن الدورية أبت وأنفت، ودفعت النير بكل ما أوتيت من قوة، فغاصت الفارسية في لجة من دم، وتحطمت عربة ولدي الإمبراطور فوقف حيث كان قبل أن يتدخل بينهما، وأخذ يبكي وينشج، ويشق الأردان ويمزق الجيوب. . . وهنا وقف إلى جانبه أبوه. . . الإمبراطور المبكي، دارا، وطفق يرثي له ويهون عليه

هذه رؤياي يا سادات فارس النجب. . . ولكن ما تزال بقية. . . فإني حينما هببت من نومي، عسيت أن تكون رؤياي أضغاث أحلام، فقلت أتوجه إلى مذبح الآلهة مانعة الضر، أقرب لها وأضحي، عسى أن تنفعنا، وما كدت أغمس يدي في النبع المقدس، وأنثر بخور الند في المجمرة، حتى لمحت نسراً مهيض الجناح لائذا بقدس أبوللو. . . ثم ينقض عليه باز باشق، فما يزال به يوسعه ضرباً وتجريحاً حتى ينتفض النسر ويلوذ بالفرار. . . ويلاه! إن الرؤيين. . . في المنام وفي اليقظة، تفسر إحداهما الأخرى، فيا ترى؟ هل هما نبوءتان على إجزرسيس؟ وهل أعيش حتى أرى ولدي إن كان ما يزال حياً يرزق؟!)

- ٣ -

وشده سادات فارس، ونظر بعضهم إلى بعض، ثم أشاروا على الملكة المحزونة أن تذهب

<<  <  ج:
ص:  >  >>