للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حقاً إن الغناء تجاوب وجداني لحزن دفين وذكريات مؤلمة كانت في الأصل نتيجة لوقائع خاصة أو طوارئ مفاجئة طرأت على الإنسان فغيرت سير حياته فجعلته رهين قيود وأسير أوهام لم يقو على التخلص منها والإفلات من إسارها وعبوديتها!!

هل وراء هذه المقدمة حديث غرام؟

بلى يا صديقي، حادث غرام قديم، عبثاً حاولت الإنعتاق منه وكنت إذاءه كفراشة تفتش عن طريقها في نور المصباح وهي تجهل أنها صائرة إلى الاحتراق

ليكن حديث الليلة إذن عن الوقائع الغرامية وطوارئها ذات الأثر في النفس، وأحسب أن طبيعة اجتماعنا ومفاجأة صديقنا إيانا بالشراب، ودعوتنا إلى الاشتراك معه، على حد قوله، في طي تاريخ الحزن ونشر أعلام حياة جديدة على أضواء الخمرة المتلألئة مهيأة لحكاية غريبة نادرة يقصها علينا، وقد تكون حكاية تعاطيه الخمر والدخان في شهرين فقط من شهور السنة، أليس حدسي صادقاً يا صاحبي؟

سكت صاحبنا ولم يشر بحركة تدل على النفي أو الإثبات

قال أحدنا: من منا لم تصدمه حادثة غرام حولت سير حياته وبدلت نظامها المألوف؟ إنما لبعض صدمات الحب قوى عجيبة ودوافع غريبة تنتقل بالمرء من حال إلى عكسه، ويتوقف ذلك على نحيزة الإنسان لا على طبيعة الصدمة

موضوع لذيذ، إي والله إنه لموضوع مستحب، يجانس طبيعة نفوسنا الدافئة بنار الخمر، إني لأقترح عليكم أيها الرفاق، وكلكم لوى عنقه عن الشباب، وطوى كشحه عن. . الكهولة عفوا عفوا، أريد أن أقول كلكم فتى القلب، شاب الروح و. .

صه يا ثرثار، ودع عنك اللغو فليس وقته الآن

سكت، وأنصت الجميع للراوي الأول حكاية مغامراته في شبابه وهي تحمل نطفة الموت مع جرثومة الحياة كذكور النحل، وأنصتوا للمتكلم الثاني، وقد أظهر وقائع بطولته في الإغراء وانتصاراته على المرأة بالخداع، وتكلم الثالث عن غرامياته وقد أوحت إليه نظم الشعر وتأليف الحكايات

وقص الرابع والخامس قصصاً فردية كسابقتها لا صلة لها بصميم الحياة ومشاكلها، فلما انتهى الأمر إلى صاحب الدعوة قال: أقص عليكم قصة طريفة نادرة، فيها درس وقد لا

<<  <  ج:
ص:  >  >>