رقيقاً!. ولكن لماذا؟؟. على كل حال لا يزال أوان السؤال بعيداً. . أوه بعيداً جداً. . وما حاجتي إلى الاطمئنان من هذه الناحية، ولا صلة هناك، ولا كلام، ولا حتى إشارة؟؟.
وقام يتمشى في الغرفة الواسعة المكظوظة بالرفوف والمقاعد وغير ذلك، وحدثته نفسه - وهي تعابثه - أن يركب الحياة بما يركبها به الشباب، فضحك وقال. . لم يكن باقياً إلا هذا. . أمسح لها شعري بكفي. . . . أو أعبث لها على مرأى منها بوردة أرجوانية (كتفاح خدها الأرجواني) كما يقول البحتري!!. أو أبعث إليها مع النسيم بقبلة. . . . أو هو هو هو!!.
وقهقه وهو يتخيل نفسه فاعلاً ما يفعل الشبان والأحداث. ثم أشعل سيجارة وارتمى على مقعد وثير وسأل نفسه: (أتراني أحتقر الشبان وأسخر مما يصنعون؟؟. وماذا أرى الحكمة والاتزان والوقار والاحتشام أجداني؟. . أو يمكن أن يجديني؟. . هه؟. ومع ذلك لم لا أفعل كما يفعل الشبان. . أتراني هرمت!. كلا!. فما جاوزت السابعة والثلاثين، وإن كان الكثير من شعري قد حال لونه، وإني لأقوى وأعظم جلدا على الحياة والكفاح من ابن عشرين. . . . ولكنها عادة الاحتشام - قبحها الله!
ولم يرقه أن يقطع نفسه حسرات هكذا، فقال. . لماذا أرخي لنفسي الطِوَلَ. . . وهي؟؟ أكبر الظن أنها لا تراني، ولا تعبأ بي إذا رأتني، ولا يرد ذكري على بالها، وإن كنت أراها أول ما يجري بخاطري في الصباح، وآخر شيء يجريه خاطري بالليل. . أفلا يحسن أن أكبح نفسي عن هوى عقيم؟؟ ولكن لماذا أدع العاطفة تستنفد نفسها. . لا مانع فيما أرى، لو أن من الممكن أن تستنفد نفسها. . . وهبها يمكن أن تفعل، فإني أخشى أن تورثني حسرات كثيرة. . . ولهفات ثقيلة. . والأرجح مع ذلك أن تعمق العاطفة مجراها في النفس وإن كان لا مدد لها من المحبوب. فإن فيها - بمجردها - للذة تترك المرء كالجمل حين يجتر ما في جوفه ويعيد مضغه مرة وأخرى. . وهل قتل المجنون وأمثاله من صرعى الهوى إلا هذه اللذة التي كانوا يجدونها في حبهم والتي كانت تغريهم بأن يجعلوا لها غذاء ومدداً من نفوسهم؟. . .
وابتسم وهو يقول. . لست أحب أن أكون أحد هؤلاء المجانين الذين أتلفهم الحب وقتلهم العشق. . . فقد كانوا حقيقة مجانين. . . ولكن ليتني أعرف حيلة!! والبلاء أن حياة