الكشف عما هو مغلق أو يكاد. وأصابوا التوفيق لدى الجمهور المثقف المشحوذ الخاطر، ولاسيما الجمهور الإنكليزي الذي يحمل في آدابه تقاليد المسرح الشكسبيري
وقد أطلق المخرجون الفرنسيون على هذا النوع من المنظر المركز اسم
وليعذرني المستر إدواردز إذا أنا لم أسهب أكثر من ذلك لضيق المقام، ولأن الأكثرية الغالبة من القراء لا يأبهون ولا يتذوقون الكلام في هذه الفنون الغريبة عن آدابهم القديمة والحديثة، ولكنني أذكر له أنني قرأت ما كتبه المخرج الإنجليزي الفقيه (جوردن كريج)، والألماني (رينهارت)، والفرنسيان العبقريان (كوبو) و (جيميه)، والأخير هو أستاذي في مسرح الأوديون، وقد شاهدت مآثر فنهم واتجاهاتهم الحديثة في الروايات التي رأيتها في لندن وبرلين وباريس
بعد هذا أعترف بأنني لم أعمد إلى المذهب الإيحائي المبالغ فيه وهو المذهب الذي تبعته الفرقة الأيرلندية في إخراج روايتي (هاملت) و (روميو وجولييت) على مسرح الأوبرا، لأنني أعلم، وأنا مصري وأعمل للمسرح منذ خمسة عشر عاماً، أن الجمهور المصري، بحكم مزاجه العام، لا يتذوق هذا الاتجاه الفني، بل ولا يستطيع أن يفهمه، بل إنه ليرى فيه ضرباً مما يخالف المعقول، وذلك بحكم أنه جمهور غير مثقف في أغلبيته تثقيفاً فنياً كاملاً، ولأنه جمهور (لاتيني) من حيث ثقافته
وإذا كان المخرجون الإنكليز والألمان أكثروا من استعمال هذا الصنف من المناظر فلأن ثقافتهم من (الشمال)، وثقافة (الشمال) يعلوها الضباب والسحاب، وليس فيها وضوح الثقافة اللاتينية التي قامت في بلاد البحر الأبيض المتوسط، حيث وهج النهار يكشف عن دقائق المرئيات. وإذا كان الجمهور الإنكليزي يرتاح إلى مشاهدة هذا النوع من الإخراج فلأنه جمهور شكسبير وجمهور المسرح الثابت الستار الذي تجري في ساحته الواحدة معارك القتال ومعارك الغرام وغيرها؛ ويكفي أن يرمز لكل منها بلوحة مكتوبة حتى يستقيم المنطق لدى النظارة وحتى ينزو كل خاطر من كمينه
وفوق هذا، وعلى اعتبار أن الجمهور المصري يفهم ويستسيغ هذا النوع من الإخراج، فإنني ما كنت لأخرج رواية (السيد) وفاقا لما يراه المستر إدواردز ويعتبر أنه قطرة العطر المختارة في سائر وسائل الإخراج، لأنها رواية من صميم الأدب الكلاسيكي، ولأنها من