الأدب اللاتيني القائم على الوضوح والبساطة، ولأنها رواية أساسها (الكلم) لا العرض والمستر إدواردز يعرف حق المعرفة أن المخرج الحق، المخرج الذي لا يقدم الشيء الغريب ليعرف بالغرابة، مقيد بروح الرواية وبنوعها الأدبي، ومن هذا المصدر يستوحي الاتجاه الفني ويتخير وسائله في الإخراج، ولاسيما فيما هو خاص بالإطار المادي الذي تبرز فيه الرواية وأعني به فيما أعني مناظر الرواية وأستارها
إذن فليسمح لي المستر إدواردز بأن أقول إنه تسرع في حكمه قبل أن يتعرف ذوق الجمهور المصري، وإنه من أولئك النفر من المخرجين الذين يريدون أن يجعلوا من فن الإخراج فناً قائماً بذاته لا يحفل بروح الرواية ولا يحترم إرادة مؤلفها ولا يأبه بمكانها من الاتجاهات الأدبية؛ وأننا أربأ به عن هذا النفر ذي السمعة المعروفة، وأقول، محسناً الظن بنقديه، أنه أخذ علي في الإخراج وسيلة لا يميل إليها شخصياً
أما أنني خرجت على المذهب الإيحائي البسيط الذي يستطيع أن يتذوقه الجمهور المصري، والذي يماشي روح الرواية، فأمر لا يقره الواقع؛ فالمستر إدواردز قد شاهد بعينيه أنني ركزت على جانبي مقدمة المسرح عمودين من النمط الذي كان شائعاً في القرن الحادي عشر، وهو عصر الرواية في إسبانيا ' عمودين يجمع بينهما (قبو) لا يرى النظارة منه سوى بدايته فوق كل عمود، على حين أنني لم أكمل الباقي وأسدلت ستارة من العلاء يغطي ما تعمدت إخفاءه، وذلك بقصد الإيحاء، عمودين لا يحملان في قطعهما وتصويرهما جزيئات الحقيقة، بل يبدوان وعليهما أهم مميزات النمط، وذلك نزولاً على مبدأ المذهب الإيحائي الذي أنا أول من قدمه في مصر، ولاسيما في روايتي (تاجر البندقية) و (أهل الكهف)
وبذلك أحييت الصبغة الزمنية والمحلية بأسهل الوسائل
كذلك عمدت إلى الأستار المخملية ذات اللون الواحد لتمثيل حجرة ابنة الملك وحجرة (شيمان)؛ ستاران أحدهما رمادي والآخر بني اللون، يهبطان الواحد خلف الآخر وراء العمودين، واستعنت بالأثاث للتنبيه على الإيحاء في إحياء الصبغة المحلية، فكان أثاث حجرة شيمان من الفن الإسباني في القرن الحادي عشر، وكان أثاث حجرة ابنة الملك من الفن العربي باعتبار أنها من الأسلاب التي غنمها الأسبان من العرب بعد أن أكرهوهم على