مما يبغضني في أرض أندلس ... سماع معتصم فيها ومعتضد
أسماء مملكة في غير موضعها ... كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد
وقوله إذا كان البياض الخ ذكره المقري في نفح الطيب وزاد عليه قوله:
ألم ترني لبست بياض شيبي ... لأني قد حزنت على شبابي
وذكر أيضاً أن من عادة أهل الأندلس لبس البياض في الحزن بخلاف أهل المشرق. وذكر لبعضهم أبياتاً في ذلك
ألا يا أهل أندلس فطنتم ... بلطفكم إلى أمر عجيب
لبستم في مآتمكم بياضاً ... فجئتم منه في زي غريب
صدقتم فالبياض لباس حزن ... ولا حزن أشد من المشيب
٨ - وذكره المراكشي عرضاً عند كلامه على نزول المعتمد مدينة طنجة قال: (فأقام بها أياماً ولقيه الحصري الشاعر فجرى معه على سوء عادته من قبح الكدية، وإفراط الإلحاف، فرفع إليه أشعاراً قديمة كان مدحه بها، وأضاف إلى ذلك قصيدة أستجدها عند وصوله إليه، ولم يكن عند المعتمد في ذلك اليوم مما زود به - فيما بلغني - أكثر من ستة وثلاثين مثقالاً، فطبع عليها وكتب معها بقطعة شعر يعتذر من قلتها، سقطت من حفظي، ووجه بها إليه فلم يجاوبه عن القطعة على سهولة الشعر على خاطره، وخفته عليه. وكان هذا الرجل - أعني الحصري الأعمى - أسرع الناس في الشعر خاطراً إلا أنه كان قليل الجيد منه، فحركه المعتمد على الله على الجواب بقطعة أولها:
قل لمن قد جمع العل ... م وما أحصي صوابه
كان في الصرة شعر ... فتنظرنا جوابه
قد أثبناك فهلا ... جلب الشعر ثوابه
ولما أتصل بزعانفة الشعراء وملحقي أهل الكدية ما صنع المعتمد - رحمه الله - مع الحصري تعرضوا له بكل طريق، وقصدوه من كل فج عميق، فقال في ذلك رحمه الله:
شعراء طنجة كلهم والمغرب ... ذهبوا من الأغراب أبعد مذهب
سألوا العسير من الأسير وإنه ... بسؤالهم لأحق فأعجب وأعجب
لولا الحياء وعزة لخمية ... طي الحشا ساواهم في المطلب