(ان الغليون ذا الهيئة السنية، المجلي باسم الاسكندرية، تعريف انشاء آلاته البهية، وعمل أدواته الحربية، ووصف أبعاده الثلاثية، قد تقدم ذكره الشائع، واندرج في سلك السطور والوقائع. والمراد ذكره الآن قطع حبال تعلقاته من القطر البري، ليطير بأجنحة العنقاء في القطر البحري، وقد وافق هذا غرة شعبان المعظم في الساعة الرابعة من النهار، حيث تجلت مشاهد الأنوار. وكان ذلك بحضرة جميع الأمراء والعظماء، وزمرة الصلحاء والعلماء، وقناصل الدول المستأمنين، وقاطبة الأهلين، مع جملة أولادهم الكبار، وعيالهم الصغار، وكانوا لدى ساحة الترسانة الواسعة الأرجاء، منتشرين كنجوم السماء. وأما سعادة أفندينا ولي النعم فانه ركب الفلك بحرا، وهلم جرا، واستصحب بمعيته أحد رجال الدولة العلية. . . . . .)
ومسكينة اللغة العربية في (هلم جرا) التي حشرت هنا حشرا!
والآن، ما رأى الأستاذ الزيات في الطفرة التي طفرتها اللغة العربية في العشرين سنة الأخيرة؟ ألسنا قد شأونا عصر ابن المقفع وأحمد بن يوسف والهمذاني وعبد الحميد الكاتب؟
صمويل بطلر والأسرة الإنجليزية
كانت الأسرة الإنجليزية من قبل العصر الفكتوري إلى أواخر القرن التاسع تشتهر بجمودها وركودها وتقديسها لسلطة الأب تقديساً هو إلى الرجعية أقرب منه إلى الاحترام. فلم تكن لأحد في المنزل إرادة بجانب إرادته، وكانت الأم نفسها خادمة لا أكثر. . . تكدح طول يومها في المطبخ أو المغسل، أو تعد الحطب للمدفأ، وهي في كل ذلك لا تألو جهدا في تلقين الأطفال محبة الوالد، وكبت غرائزهم الثورية كلما بدرت منهم بوادر التململ أو التبرم بهذا التقديس الخانق لسلطة الأب. . . وكان أكبر العبء واقعاً على الفتاة. . فلم يكن يسمح لها بتعرف الحياة ولا تشمم نسيم الحرية المنعشة، وإذا تقدم أحد لخطبتها فما عليها إلا أن تنحني خاضعة لمشيئته
ولقد كان الأدب في العصر الفكتوري، برغم ما فيه من صور حلوة وطرف براقة يساعد على هذا الركود المنزلي، ويضاعف من سلطة الأب؛ ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان، فقد ظهر الكاتب النرويجي إبسن فجأة في الميدان؛ وإبسن هو أكبر نصير للمرأة في العصر الحديث؛ فقد ألف أكثر من عشرين درامة لنصرتها والإكبار من وظائفها المدنية التي تعدو