وإن كان ساسة لندن غير راضين عن الطريقة التي أتبعها هتلر في الوصول إلى احتلال أراضي الرين، غير انهم وافقوا ضمناً على نتيجة عمله، حتى أن بعضهم صرح بذلك، والبعض الآخر أخذ يقول بأن عمل هتلر ما هو إلا فرصة مناسبة لحل المشكلات الأوربية، وخصوصاً لإزالة كل خلاف بين ألمانيا وفرنسا! وكانت الصحافة وعلى رأسها (التيمس) تقول بهذا الرأي. ولا عجب في ذلك، إذ أن الرأي العام في بريطانيا ناقم على معاهدة لوكارنو، حتى أنها كانت سبباً في ضياع شهرة السير أستن شمبرلين، ولأن حكومة لندن تريد إنعاش ألمانيا وإدخالها ضمن حلقة دول ذات المكانة في السياسة الدولية، لكي تتخذ منها سنداً ضد فرنسا التي أخذت تعاكس بريطانيا ظاهرة في سياستها الخارجية، من جهة ثانية، ولقد رأينا الهر هتلر عرف كيف يستفيد من هذا الشعور البريطاني ويستغله.
وموقف بلجيكا يشابه موقف فرنسا: فالرأي في الدوائر السياسية والرأي العام ضد حوادث ٧ مارس على خط مستقيم. لاسيما وأن بلجيكا لم تكن عضواً في المعاهدة الروسية الفرنسية، التي هي في رأي الهر هتلر، سبب زوال لوكارنو. . .
أما إيطاليا فلزمت الصمت، ولم تبد صحافتها رأياً في ذلك. على أن ممثل إيطاليا صرح بأن حكومته تحترم لوكارنو، غير ان ظروفها الحالية ترغمها على التحفظ. . .
رفعت فرنسا وبلجيكا وحدهما الدعوى إلى مجلس عصبة الأمم، في حين أن معاهدة لوكارنو توجب ذلك على جميع الموقعين عليها، إذ هي تعتبر احتلال أراضي الرين عملاً عدائياً نحو كل من المتعاهدين. . .
وكان مكان اجتماع مجلس العصبة عاصمة بريطانيا حسب اقتراح مستر إيدن. وعقدت الجلسة الأولى الساعة ١١ من صباح يوم السبت التالي لحوادث ٧ مارس، في قصر (سنت جيمس) وكانت سرية، وقال مستر إيدن في هذه الجلسة إنه يظهر له من المادة ١٧ من صك العصبة وجوب تمثيل ألمانيا في جلسات مجلس العصبة. وبعد جدال حول هذا التفسير للمادة ١٧ تقرر أن يرسل سكرتير مجلس العصبة برقية إلى الهر هتلر يقول فيها بأن (. . . مجلس العصبة يدعو حكومة ألمانيا بصفتها عضواً في معاهدة لوكارنو لتشترك في فحص مجلس العصبة للدعوى التي رفعتها حكومتا فرنسا وبلجيكا. . .)
ولقد ذهب مساء يوم السبت السير أريك فيبس، سفير بريطانيا في برلين لمقابلة بارون فون