وبعد أن أبان مستر ايدن أن ألمانيا هدمت معاهدة لوكارنو بعملها في ٧ مارس قال:(إن واجباتنا ليست فقط التصريح بأن اعتداء قد حصل، بل يجب أن نضع نصب أعيننا غايتنا السامية، ألا وهي الاحتفاظ بالسلام، وإقامة حسن التفاهم بين أمم أوربا على أساس متين ودائم. ماذا كان مقصد لوكارنو؟ لقد كان لها مقصدان: أولهما الاحتفاظ بالسلام، وثانيهما خلق ثقة دولية بتأمين السلام في غربي أوربا. وإنني أصرح بأن موضوعنا اليوم هو هاتان النقطتان. . واستمر يقول بأن الحالة الراهنة التي تولدت عن أعمال ٧ مارس حرجة جداً، غير إن هذه الحالة تحتوي على شيئين مهمين يجب لفت النظر إليهما:
أولهما: أن تمزيق لوكارنو لم يحمل معه أي تهديد عدائي، ولا يوجب العمل الفوري الذي توجبه معاهدة لوكارنو في بعض الظروف.
ثانيهما: مهما تكن الحالة خطرة فأنها أوجدت فرصة سانحة لتوليد حسن التفاهم وبناء العلاقات الدولية على معاهدات يحترمها الجميع ويود بقاءها. . .
أما الأمر الأول الذي لفت مستر ايدن إليه النظر فيخالف نص معاهدة لوكارنو الذي يقول بأن احتلال أراضي الرين يعد عملاً عدائياً، ولدول لوكارنو الحق في اتخاذ إجراءات عاجلة فعالة. وأما النقطة الثانية فلا يستطيع مستر ايدن تأكيدها، إذ هو لا يستطيع ضمان محافظة ألمانيا على المعاهدات التي ستعقد معها. ألا يمكن لحكومة النازي أن تقوم بعد سنين بعين العمل الذي قامت به في ٧ مارس بحجة أن المعاهدة التي وقعتها لم تعد تسير مع رغائب الأمة فلا قيمة لها، وأن الحكومة الألمانية في حل منها!
واجتمع مجلس العصبة صباح الخميس الموافق ١٩ مارس لسماع خطاب الهر فون ريبنتروب واتخاذ القرار. وفي بادئ الأمر عقد اجتماع خاص طلب فيه ممثل الهر هتلر ترك فاصل من الوقت بين نهاية خطابه وأخذ القرار للتفكير. فصرح مسيو فلاندان حالاً، وبدون تردد، بأنه يعضد هذا الاقتراح. وفي الساعة العاشرة والنصف عقد الاجتماع العام. وأومأ الرئيس إلى الهر ريبنتروب، فقام وقرأ خطابه بالألمانية (مع أن اللغتين الرسميتين في عصبة الأمم هما الفرنسية والإنجليزية)، وبصوت هادئ ودون إشارة مدة نصف ساعة، ولم يأت في دفاعه ببراهين جديدة تبرر أعمال ٧ مارس، بل كان الدفاع مبنياً على أن حكومة فرنسا اعتدت على لوكارنو بعقدها مع الروسيا ميثاقاً آخر؛ وأعاد تأكيد الهر هتلر