ما كان في حياته الماجنة من ضروب العبث والاستهتار، ومن لذعات الغزل الفاحش والافتخار. حتى قيل في بيرون:(إن حياته كانت محور نظمه، وقصائده فيها أحسن شعره) فشخصيته كأمير وابن أسرة عريقة في المجد والحسب تظهر في أشعاره، ظهور شخصية أمرؤ القيس كملك وابن ملك، وكشاب مسترسل في الشهوات والملذات في معلقته.
وهناك فرق آخر بين شلي وبيرون: ذلك أن شلي كان يعتمد في نظمه على التصورات الخيالة: بينا كان بيرون يعتمد على ذوب عاطفته وإدراكه للأمور العقلية ولعل ما بينهما من هذه الاختلافات يعزى إلى تباين طريقة معيشتهما، ناهيك ما للوراثة من كبير الأثر، فقد نشأ بيرون تحت ظلال المتعة الوارفة، وهو يتقلب على فراش السعادة والرخاء، ويرتشف سلاف الخمر ورحيق الهناء. فأنكب على الملاهي والمنكرات، وتمرغ في حمأة الدعارة والموبقات؛ حتى لقد كان يقاد من أهوائه بشعرة، ويلبي لشهوته كل دعوة. وهكذا ترعرع دون أن يصطدم من الأيام بما يفثأ من جذوة جنونه المتوقد، أو يفل من شباة نفسه المتحفزة، حتى ولا وجد من الأهل يداً صارمة حكيمة تقسو عليه وتكبح من جماح شهواته الثائرة، وحياته الماجنة، بينما نشأ شلي وهو يقاسي من شظف العيش ألواناً، ومن الأهل ذلاً وهواناً، ومن التعس أنواعاً واشكالاً، ثم أصطدم من الأيام الكاسرة بما تشيب له النواصي وتهتز لهوله الجبال والرواسي. فشحنت المصاعب قلبه بتيار الثورة، وبذرت المصائب في صدره بذور التمرد.
شعره وديوانه:
لم يكن شلي بالشاعر الذي يترقب هبوب العاطفة الشاعرية فينتضحها في قالب من السبك اللفظي، وحسن الأداء، يذكى بهما الحس، ويرهف السمع، ويجعل صدر القارئ أو السامع يجيش بتلك الحماسة التي اعتلج بها فؤاده وانمات لها قلبه، بل كان كثيراً ما يعتسف النظم على غير استعداد من عواطفه، ويستكره خياله استكراهاً، على أن يملي عليه قصيدة شعرية توائم رغبته وإرادته، ولكنها لا تشبع حسه وخياله، فكانت تجئ ملتوية المعنى ملتاثة التعبير، لا شيء فيها من ابتكار الفكرة، وجمال العاطفة. ولقد كان معظم أشعاره التي نظمها في ميعة الصبى وشرخ الشباب تدور في جملتها حول محور من الخيال الفسل والمعنى المبتذل، ولم يبلغ من الشعر درجة تثير كامن العواطف إلا في ضرب واحد من