للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصرعتهم جميعاً؛ وقائل إن عصابة من قطاع الطرق أحدقت بهم وذبحتهم وهم نائمون. . . . . .

وكان أوديب قد سار في طريق طويلة شاقة انتهت به إلى طيبة. فلما كان ثمة لقيه واحد من الأهالي أنس إليه، وتبسط معه وذكر له خبر تلك الهولة الفظيعة التي قتلت ربع سكان طيبة: (وإذا لم يرح المدينة منها أحد، فقد تقتلنا جميعاً!! وهي تعرض على من تلقاه حجياً يا صاح، فأن عرفها وأدرك تأويلها خلت سبيله. . . وإلا. . . فهي لا بد فاتكة به مهما كان سلاحه، ومهما كانت قوته!! وهاهي ذي قد فتكت وحدها بالملك وجنده في طريقه إلى دلفي. . . وقد أجمعت المدينة على أن من يخلصها من ذلك الشر المستطير فإنها ترفعه إلى العرش فيكون ملكا على طيبة الخالدة، ثم يحظى بالملكة الايم فتكون زوجة له!!)

- ١٣ -

وكان أوديب قد زهد في حياة التشرد التي شقى بها بعد مغادرته كورنثه، فصمم على أن يلقى الهولة. . . فإما قتلها وفاز بعرش طيبة وبيد الملكة. . . وبحياة ناعمة مخفرجة، وإما قتلته فأراحته من شظف العيش ولؤم الزمان.

ودله صاحبه على مكانها. . . فذهب إليها وبيده جزاره. . . أظمأ ما يكون إلى دم حار وسم زعاف!. . .

وقالت له: (مكانك أيها القادم! أفتني في مخلوق غريب إذا أنبلج الصبح درج على أربع، فإذا أنتصف النهار مشى على رجلين، فإذا أرخى الليل سدوله سار على ثلاث! قل! فأن لم تستطع، فودع الحياة)

وعبس أوديب عبسة قصيرة، وقال: (أيتها الهولة! أهذه حجياك!! إذن أسمعي وعي! ذلك المخلوق هو الإنسان من غير ريب! أليس يحبو على أربع إذ هو طفل، فإذا شب سار على رجلين، فإذا بلغ من الكبر عتياً توكأ على عصا، فكانت له رجل ثالثة؟!)

وما كاد يتم قولته حتى أربد وجه الهولة، وحتى انثنت تأخذ طريقها إلى البحر لتغيب في أحشائه، ولكن أوديب الذي ملأه انتصاره بحل اللغز عجباً وكبرياء. . . انقض عليها وخوض صدرها بجرازه. . . وتركها على الشاطئ جثة خامدة!

- ١٤ -

<<  <  ج:
ص:  >  >>