للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سمر فيه؛ وأخذ يحدج القائد بعينين تقدحان الشرر، وتنفثان الموت الزؤام!

ولم يستطع القائد إلا أن يمتشق سيفه وينقض على أوديب كالصاعقة. . . ولكنه سقط على الثرى قبل أن يصل إليه جثة هامدة! (خذها ضربة من أوديب!!)

وذهلوا الجنود حينما شهدوا قائدهم معفرا بالتراب. . . فتكاثروا على أوديبوس. . . ولكنه صرعهم واحدا واحد بضربات كأنها سنا برق يومض خلل السحاب في يوم عاصف:

ثم نزل من المركبة التي كانت تنهب الطريق في إثر الجنود رجلٌ مسن قد وخط الشيب رأسه؛ وأقترب من أوديب وهو يهدج كالبعير الأبلق، ثم أخذ يحذره من الموت الذي يتربص به. . . (أنت شاب يا بني والحياة حلوة جميلة، وبرد الموت لا يخلق بعنفوانك. . . فانتح ناحية، ولا تركب رأسك، ولا تحسب أنك تقدر علي كما قدرت على هؤلاء. . .) وكان الشيخ يهز في يمينه سيفاً كالمنية. . . ولكن أوديب تبسم من قوله ضاحكا. . . وأعجله بضربة قدت رأسه وأضلاعه. . . وغادرته عند حيد الجبل جزر السباع. . .

وا أسفاه!. . لقد قتل أوديب والده!! ونفذ ثلث القضاء! فمتى ينفذ شطراه الآخران؟!

- ١١ -

سلطت على مدينة طيبة هولة رائعة ما برحت تغتال أهلها وتعيث فيها فسادا، وكلما لقيت أحد عرضت عليه حجياً، فأن فسرها وقدر على تأويلها خلت سبيله، وإن لم يستطع غالته وأغتذت به. . . وقد عز على لايوس الملك ألا يقوى أحد على هذه الهولة فيخلص طيبة منها، ويربح من شرها العباد. فلما لم يستطع أحد يفسر حجياها أعتزم أن يذهب إلى دلفي مستخفياً في رهط من جنده، عسى أن يؤول له الكهنة ذلك الطلسم وينقذ شعبه من ذلك البلاء المبين!

وكأنما سعى لايوس إلى حتفه بظلفه! فقد لقيه ولده أوديبوس وقتله ومن معه على ما وصفنا!

- ١٢ -

وقبل أن يبلغ أوديب طيبة، كان خبر مقتل الملك وجنوده قد ذاع فيها، ولكن من كان أولئك القتلة؟ فلم يكن أحد يدري. . . إشاعات فحسب! فقائل إن الهولة هي التي أدركتهم

<<  <  ج:
ص:  >  >>