الاختلاج الخفيف الذي هو بعض سحر المرأة. واللين من خصائص الأنوثة - والنعومة والرقة والطراوة أيضاً - وليس أقبح ولا أبعث على النفور من المرأة المسترجلة كما ليس أقبح ولا أدعى إلى الزراية من رجل تغلب عليه صفات الأنوثة، وتخطئ فيه مظاهر الرجولة ومعانيها
وفتاتي تنهض مثلي في البكرة المطلولة - أو أنا هكذا أتخيلها - خفيفة غير متثاقلة - فأنها شئ صغير دقيق يخيل إلي أن في وسعي أن أطويها وآكلها بعظامها - وتدفع باب الشرفة فأنتبه على الصوت - وتقف حاسرة الرأس متهدلة الشعر - وهل يغطى مثل هذا الشعر الذهبي؟ - عارية الذراعين، ثم تتهادى إلى الحافة وتطوي ذراعيها عليها وتدير عينها في مجالي الحياة التي طلع عليها يوم جديد. فتبارك الله خالق هذا الوجه الصابح ومرقرق كل هذه الغضارة والنضارة فيه!. وما أكثر ما وقعت على عيني عينها وأنا أحدق فيها من حيث أحسبها لا تراني! ولشد ما أشعر، حين يحدث ذلك، بفتنة هذا اللحظ، وما أصبحت على وجهها مرة إلا أحسست أن من حقي أن أستقبل يومي بصدر منشرح وقلب مستبشر مطمئن، وما رأيتها إلا كان ظهورها إيذاناً لي بالاضطرام والفورة، فيكون حسبي بعد ذلك أن أعالج نفسي حتى أردها إلى السكون وأفئ بها إلى الهدوء؛ وليس هيناً أن ترغم اليد المرتعشة على الثبات، والأعصابَ المضطربةَ على الاتزان، والعين المحملقة الزائغة على الفتور المألوف، والقلب الذي يعلو ويهبط كأنه لعبة (اليويو) على العود إلى انتظام الدق واعتدال الخفق؛ والساقين المتخاذلتين على الصلابة والتماسك، والنار التي تندلع في الأحشاء على الخمود. . . كلا ليس هذا بالهين. . ولكني رضت نفسي على القدرة عليه، فلإرادتي الحكم لا لشعوري وعواطفي؛ وعسير جداً أن يبدو على وجهي شئ مما يضطرب به جناني ويجيش به صدري؛ وإن جوفي ليكون كالبركان الفائر أو البحر الهائج، وتنظر إلى وجهي وتسمع كلامي وتتأمل حركاتي وإشاراتي فلا يخالجك شك في أني أفرغ الناس قلباً وأخلاهم بالاً، ولم لا؟. . . إن ما يدور في نفسي شئ يعنيني وحدي وليس من حق غيري أن يحيط به ويطلع عليه فانه سري؛ ولا من الرجولة أن أعرضه على الناس كأني ألتمس العون أو العطف منهم. وماذا يبقى لي مما يسعني أن أقول إنه (لي وحدي) إذا كنت أبيح الناس ما في صدري وأشركهم في أمري؟. . ولست أستثقل أو أستسخف شيئاً كقول