قصة الحياة والنزول إلى ميدان الألم الممض والأحزان، أدى واجبه من ألم الحياة وأحزانها مما لا مفر منه، ورجع بأسرع ما يستطيع إلى موقف المعبر عن الحياة والنفس، أو إلى موقف المشاهد لقصتها، حتى إنه ليحول أو يحاول أن يحول آلامه وأحزانه إلى قصة وفن وأن لم يشعر بتلك المحاولة من نفسه، لأنها في كثير من الأحوال محاولة طبيعية لا تعتمد فيها ولا تصنع، وإن كانت أحياناً تستلزم عملاً ظاهراً يلفت المرء إلى مجراها من نفسه كما يكون شأنها عند الفنانين
وإذا لم يستطع المرء أن يسرع في التنقل من موقف المؤدي واجبه المفروض من آلام الحياة وأحزانها إلى مواقفه الأخرى التي ذكرت حاول أن يجمع بين الأمرين في وقت واحد بأن يقف من آلامه التي يعانيها موقف الممثل من آلام الشخص الذي يمثله في القصة، فيجمع وقتئذ في نفسه نفسين، كما يجمع الممثل بين نفسه ونفس من يمثل، سواء أكان هامليت أو الملك لير أو عطيل الخ
وترى المرء وهو في هذه الحال وفي دموع حزنه معنى آخر مع ما فيها من الحزن والأم
وإذا لم تستطع النفس أن تقف موقف الممثل من آلامها وشجونها التجأت إلى موقف المسحور المأخوذ بصور الحياة ومناظر النفس سواء أكانت بهجة أو غير بهجة، وُقل إنها تسحر بها في بعض الحالات كما تسحر بمناظر الجلال والروعة من مناظر الطبيعة الهائلة. وهذا أيضاً تحول من النفس والتجاء طبيعي لا تعمد فيه فهو قلما يحس، وكلما كان نصيب المرء أوفر من ملكات التحول والالتجاء، أو قل التهرب والنجاة من حوادث الحياة، كانت سيطرته على آلام الحياة أعظم، لأن هذا التحول إنما هو وسيلة من وسائل مكافحة آلام الحياة لا يحتاج المرء إليها إلا بعد الوسائل الأخرى
ومن المشاهد أن النفوس عند وقوفها موقف الممثل من آلامها وحوادث أيامها تختلف في منحاها، فنفوس يكون موقفها أشبه بموقف ممثل الجد، ونفوس موقفها أشبه بموقف ممثل الهزل، والأولى قلما يفطن الناس إلى موقفها التمثيلي، والثانية قد يفطن الناس إلى موقفها التمثيلي لبعد ما بين حقيقة حالها وهزلها. ولعل فطنة الناس إلى موقفها التمثيلي تكون في الحالتين بمقدار قلة إتقانها لدورها أكثر مما يكون لميل موقفها إلى الجد أو الهزل؛ والمرء في هذا الموقف النفساني التمثيلي هو باحث متفهم لدوره دارس له كنا يتفهم الممثل دوره و