الطبقة الدنيا، ومواقف غرامية مفجعة، ونظريات أخلاقية ونفسية،
وتحليل دقيق لأفراد أسرة فقيرة تحترف صيد الأسماك، ظلت تكافح في الحياة وتقاوم الحظ السئ الذي لازمها زهاء نصف قرن لقد كان فرجا يردد العواطف الصادقة في فنه والحقائق القاسية، وليس مذهبه في الأدب سوى رد فعل لمدرسة كاردوتشي، وعلى رغم أن هذا الكاتب العظيم كان أميل إلى الصمت وإلى التحفظ في الكلام نراه متدفقاً كالسيل في رواياته حتى كتب نيفا وثلاثين رواية طويلة وعشرات الأقاصيص. وقد وصفه النقادة رويناس بقوله:(كان ينفر من الشهرة، ولكن الشهرة سعت إليه من حيث لا يدري. وكان شعاره دائماً: فني هو مجدي، وكتبي تراثي في نظر الأجيال)
ومن كتاب المدرسة الإقليمية الذين اشتهروا خارج بلادهم عن طريق ترجمة أعمالهم الأدبية إلى اللغات الحية الكاتب الروائي ماريو بوتشي. ففي مؤلفاته نجد الجو الهادئ الحزين، وبالأخص في حياة الريف. وهذه الصبغة التي تعطي رواياته طابعها الخاص تبين عبء الألم واليأس المنبعث منها. وقد حاول بوتشي في بعض رواياته (كالعبريون) أن ينجو من الجو المظلم الذي يخلع على أبطاله ظلاً من الكآبة، ولكن ما اتصف به من الركود والتأثرات النفسية والتعلق بأهداب الخيال وغرامه بتصوير القسس والفلاحين والجنود جعله بمعزل عن كتاب الجيل المعاصر. والواقع أنه ليس في فن هذا الكاتب أي أثر للعنف أو الاندفاع، إنما نحس من الأعماق أننا أمام شخصيات ابتدعها المؤلف في هدوء ودقة، كما كان أهل وطنه يصنعون الدمى الخشبية بمجهود شاق في القرون الوسطى.
وكان توتزي أقوى كتاب هذه المدرسة على الإطلاق، ولكن الموت عاجله وهو في قمة مجده. وإذا حكمنا على تراثه الفني أمكننا أن نقول إنه أخرج أعظم روايات الأدب الحديث. وفي فنه تتجلى روح البساطة والسير بأبطاله في طريقهم الطبيعي، ورسم مظاهر الانحطاط الإنساني بأسلوب مؤثر. ومن أشهر رواياته (الصلبان الثلاثة) وهى قصة ثلاثة أخوة يدرس بعضهم أخلاق بعض، وتتغلب الغريزة والأنانية والجشع على أعمالهم، وينتهون أخيرا إلى موت غير شريف، ولا يبقى من آثارهم سوى صلبان سود ثلاثة في المقبرة.
ولعل شيكونياني هو الكاتب الوحيد الذي يرتفع بفنه فوق مستوى المدرسة الإقليمية مما