عصبي خاص، مظهره اضطراب وخوف، وبين خلو الطعام من الشحوم الفسفورية والأحماض الدهنية غير المشبعة، ومن الأستيرولات. وليس معنى هذا أن هذه الشحوم مفيدة دائماً في كل مرض. فقد درس شارل مرسيه عالم الأعصاب الإنجليزي المعروف عدة من المرضى بعقولهم فزاد غذائهم من الشحم والسكر والنشأ ونقصه من اللحم فوجد أن الجمع بين هذه الزيادة وهذا النقص زاد المرضى سوءاً على سوء. ولم يجد هذا هو الحال في كل المرضى، دليلاً على أن المرض يختلف، ولو جمع المرضى ظاهر واحد نسميه الجنون. على أننا قديماً قلنا الجنون فنون. ومن الدراسات الأحدث أثر (الفيتامينات) في نفسية الأصحاء. و (الفيتامينات) طائفة من المواد الكيمياوية موجودة في الطبيعة في كثير من الأغذية ولا سيما الفواكه ولتشابهها وتعددها أعطوها حروفاً أ، ب، ج وهلم جراً بمثابة أسماء لها. درسوا الأثر الناشئ من قلة الفيتامين ج في الغذاء أو انعدامه فيه فوجدوه يسبب في النفس هموداً تستتر وراءه حدة في الطبع وقابلية للتهيج شديدة. وهذه النتيجة تتفق تماماً مع ما لاحظه رواد القطب الشمالي من المستكشفين لما قلت مواردهم وخف زادهم، وهو زاد قليل الفيتامينات أو عديمها بطبيعة الحال. فأنهم كانوا دائماً يجدون الكسل في نفوسهم وحب الشجار في قلوبهم، يثورون أليه للسبب الحقير التافة كأنما يجدون فيه متنفساً من ضيق.
وهناك نوع من الجنون يصحبه مثل هذا الهبوط في النفس يعتري الرجل وقد أكتمل نموه وبلغت حيويته أقصاها. دخل هذا المرض في دائرة علم الكيمياء الروحي من سنوات قريبة واسترعى همة كثير من البحاث، وقد بدأوا يصفونه لا بخلل نفسي محض بل بخلل في الجسم واضطراب في وظائفه. أي أن ذلك العقل ساء لما ساءت كيمياء التربة التي أنبثق فيها، وتلك الشخصية الوقورة ضاع اتزانها لما ضاع أتزان بين الغدد التي تهيمن في الجسم على دخل السكر إليه وخروجه منه واختزانه فيه. ومصداق هذا أن المرض الذي نحن بصدده يكثر في الأسَر المصابة بالبول السكري، ولعل هذه الحقيقة هي أول ما لفت البحاثَ إلى تلك الغدد ودرس وظائفها في هذا الصنف من المعتوهين. والنوم، ذلك الطلسم الذي أعيا سره الأولين والآخرين، بدأوا يسلطون عليه شعاعات من ذلك العلم الجديد لعلهم يردون أصله الى الكيمياء، وحديثاً نشر (هرمان زندك) نظرية بناها على دراسات مبدئية