للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

في إحدى الحدائق مع صديقة فقالت: (هل نركب زورقاً؟) فاستحسنت هذا الرأي وانحدرنا إلى الماء واستأجرنا قارباً، وقبل أن نمضي به تناولت ذراعي وهمست في أذني: (لا تتحرك. . إني لا أكاد أصدق)

فرفعت عيني إليها فألفيتها ناظرة إلى الحديقة التي انحدرنا عنها إلى الماء. وكان الهواء ساكناً والمنظر الذي أمامنا كأنه مرسوم، وكان لفرط جماله يذكرني بأعذب ما قرأت من الأغاني. ثم أشارت بيد أحلى من أناشيد سيمان بن داود وقالت: (ليتني أستطيع أن آخذها!!.) وكأنما قرأت في وجهي استغراب هذا الكلام فقالت (إنها أحلى لعبة رأيتها في حياتي!)

فقلت مستفسراً (لعبة؟؟ هل قلت لعبة؟؟ أين هي؟)

فصاحت بي وهي تشير بأناملها المغرية (هذا. . هذا. . هذا المنظر. . ألا يروقك؟)

فأدركت مرادها وإن كنت قد بقيت أستغرب عبارتها، وقلت (لا. . ليس هذا لعبة. . وإنما هو أسطورة. .)

فهزت رأسها كالموافقة ثم وضعت راحتها على كتفي وقالت (إني سعيدة لأني رأيت هذا)

قلت: (هو أسعد منك. . وما أكثر ما رأى هذا البستان من نساء ولكنه احتاج أن ينتظر إلى اليوم حتى تروده حواء لها دل الفتاة وقلب الطفل)

قالت: (لا أظن. .) ثم رفعت وجهها إليّ وقالت:

(انتظر. . لا تتحرك. . إني أنظر إلى نفسي في عينيك)

فقلت - وقد أعجبني ذلك: (حسن. . والآن. . لا تتحركي أنت. . فأني أتأمل قوس هذه الشفة. . .)

فذهبت إلى آخر الزورق وأرسلت لي مع الريح قبلة

وقالت وهي تجلس هناك: (إن الذي يعجبني منك هو هذا. . أنك لا تأخذني على غرة. . الأكثر في الرجال يعدون المرأة صيداً أو قنصاً. . أما أنت فتشجعني على استعمال حريتي وعلى الشعور بأن لي استقلالاً وإرادة يجب أن يحسب حسابهما. . وكأني بك يسرك أن تدع غيرك يحيا حياته على هواه هو، أكثر مما يسرك أن تفوز من دنياك بمتع حياتك. . والآن ألا نمضي؟؟)

<<  <  ج:
ص:  >  >>