للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فقلت وأنا اضرب الماء بالمجداف: (إن فيما قلته عني بعض الغلط. . فأنا احب أن أصحح لك هذا. . وأنا أعترف أني لست وحشاً. . إذا كان هذا ما تعنين. . ولكن نظريات أفلاطون لا تروقني. . نعم يسرني أن أرى كل إنسان يحيا حياته كما يروقه - ولم لا؟ - ولكن من أبرز نقط الضعف في نفسي أني أحب أن أحيا أنا أيضاً كما أشتهي)

فدنت مني وأراحت أناملها على كتفي، وأسندت وجهها إلى صدري وقالت وهي تضحك: (إنك عبيط. . ألست كذلك؟ وهذا هو الذي يحببك إليّ. .)

قلت: (يا ملعونة. .) وأحطتها بذراعي - (ارفعي فمك فإني أريد أن. . أسوي ربطتي في مرآة عينيك. . .)

وفي هذه اللحظة الحافلة بالاحتمالات خطرت في دائرة نظري فتاة كان لا يسعني إلا أن أراها. وليس لي في هذا حيلة ولا كان مني عن عمد. ولكنها صارت أمام ناظري، فأنا لا بد أن أبصرها. وأحست صاحبتي أن عيني تحولت - كما كان لا بد أن يحدث - فحولت وجهها إلى حيث أنظر فأبصرت الفتاة، فما كان منها إلا أن انتفضت قائمة، وضربت المجداف من يدي، وصاحت بي:

(ارجع بي حالاً. . . إلى البر. . . قبل أن نبعد. .)

فذهلت وقلت: (ولكن لماذا؟؟. . . إنا لم نبعد إلا خمسة أمتار. . .)

قالت: (ليتنا بعدنا جداً. . . ولكن لا. . . كنت إذن أبقى مغشوشة. . . مخدوعة. . . ارجع. . . أقول لك ارجع. . .)

ولا حاجة إلى رواية كل ما قالت وما أجبت به، وليثق القارئ أن ريقي نشف كما لم ينشف قط، فقد ثقل عليّ هذا الطبع، وأضجرتني هذه الغيرة السخيفة التي لا محل لها على كل حال. فبعد أن تألفتها من نفرتها ذهبت ألقنها درساً لا أظن أنها ستنساه في حياتها

ولكن أمثال هذه الدروس لا خير فيها ولا جدوى منها؛ وما أظنها إلا كالكتابة على الماء

وقد تظهر المرأة مجاراتك ساعة تتلقى الدرس، لأنها ترى هذه المجاراة والتظاهر بالاقتناع والتوبة أحزم وأحسم للنزاع، ولكنها لا تملك أن تغير طبيعتها، فهي تظل على الرغم من دروسك كما هي

وقد أحنقني من ذات الثوب الأرجواني هذا النفور الذي لا داعي له، فغضبت وثرت

<<  <  ج:
ص:  >  >>