رأسها فينتشر شعرها الجميل ويعود كالشمسية المفتوحة ثم ينسدل على جانبي وجهها ثم ترمي إليّ نظرة سريعة جداً يغيب عني معناها من شدة السرعة - مضافاً إليها البعد - ثم تدخل وتختفي!! ماذا كسبت بالله من هذا؟؟. وما حيلتي إلا أن أهز رأسي أنا أيضاً وأقول لنفسي أن أصحاب العقول في راحة! ولو كانت تسمعني لغضبت، ولكنها بعيدة فأنا أقول ما أشاء وأنا آمن!. .
ومكايدة أخرى ظهرت - لي - في الشرفة يوماً في ثوب ازرق لا احبه، وكنت لابساً ثيابي ومتهيئاً للخروج فما أستطيع أن أقضي حياتي في شرفة - كما تفعل هي - وإذا بها تدخل ثم تعود في ثوب أبيض جميل من الحرير الأبيض له شقتان واحدة على الصدر والأخرى تحتها على سائر البدن إلى القدمين، وعلى رأسها قبعة بيضاء كقلبها - مجازاً فما فتح لي قلبها إلى الآن - تثني حافتها على حاجبها الأيسر دلالاً. فقلت لنفسي: (إلى أين إن شاء الله؟؟ وإنها لحادثة فما رأيتها قط تخرج، بل هي بشرى نعش الأمل. إذ ما دامت تخرج فلا موجب لليأس، وإذا بها بعد قليل خارجة من باب البيت، ولكن مع أهلها!!. فسبحان الله العظيم!! وهل كان لا بد من هؤلاء الأهل؟ ما فائدتهم أو ما الضرورة إليهم على كل حال؟؟ ثم إن الأهل لا داعي للحرص على الاتصال بهم وملازمتهم لأنهم في الحقيقة ثمرات المصادفة البحت والاتفاق المحض. الأخ مثلاً شيء يجيء مصادفة. . ولو كان أبي - ولست أتكلم عن نفسي وإنما أضرب مثلاً تأييداً لنظريتي ليس إلا - أقول لو كان أبي مات قبل أن يموت بأربع سنوات أو خمس - وهو قد مات على كل حال، فما ضر أن يموت قبل ذلك؟ - لما صار لي أخ، ولكنه اتفق أن عمر أبي طال أكثر مما ينبغي - إذا اعتبرنا الذرية والإسراف الذي لم يدع لنا ميراثاً يستحق الذكر - فصار لي أخ كان من الممكن ألا يكون لو أن أبي كان عاقلاً مقتصداً - على الأقل في الأبناء - وقل مثل ذلك عن الأب والأم وأبناء العم وبنات الخال إلى آخر هذا البلاء الطويل فأنهم جميعاً أقارب بالمصادفة ليس إلا. . . فلماذا يجب أن أحبهم وأراعي مزاجهم وأتحرى مرضاتهم؟؟ ولا بأس بالحب فإني مستعد أن أحب الدنيا كلها ما دام هذا الحب لا يضايقني ولا يفرض علي أعباء لا أطيقها أو لا أستسهل حملها. . ولكن الملازمة وتوخي المرضاة هذا تكليف ثقيل جداً. هذه المسكينة مثلاً لا بد أن تخرج مع أخيها أو أبيها أو لا أدري من أيضاً من هؤلاء الذين هم