للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وتدعي أنها أمثل النظم الحديثة للدولة وتدعيم القومية، وضمان رفاهة الشعب؛ ويزعم طغاة ألمانيا الجدد (هتلر وشيعته) أنهم رسل المثل الأعلى للدولة الكاملة، والعظمة القومية، ورفعة الجنس، وأن نظرية الحريات الدستورية والحقوق العامة هي نظرية خطرة على كيان الأمم، ويجب أن تكون جميع الحقوق والسلطات متمركزة في الدولة، والدولة في نظرهم هي الحزب النازي، ويزعم بعض دعاتهم أن هذا النظام الغاشم سيعيش قروناً. ولقد كان لهذه الحركات والمزاعم بعض الأثر، فظهرت في إنكلترا حركة فاشستية صغيرة؛ واشتد ساعد الجمعيات الرجعية في فرنسا، وساعدت على ذلك ظروف سيئة ظهرت فيها النظم الجمهورية بمظهر النظم الفاسدة المفككة، وعاونت بعض الفضائح الخطيرة مثل فضيحة ستافسكي وغيرها على الاعتقاد بانحلال هذه النظم ووجوب تعديلها، بل قامت بعض جمعيات تدعو إلى إقامة الدكتاتورية إنقاذاً لفرنسا من هذا الفساد الدستوري الخطر؛ وظهرت في دول أخرى مثل رومانيا والمجر وتشيكوسلوفاكيا نزعة إلى الاقتباس من الفاشستية والنازية؛ ومن ثم ففي وسعنا أن نقارن مبادئ الفاشستية والنازية، من بعض الوجوه بمبادئ الثورة الفرنسية التي تعدت حدود فرنسا واجتمعت حكومات أوربا المطلقة على مقاومتها

والآن نرى في أوربا معسكرين عظيمين يتأهب كل منهما لمكافحة الآخر؛ يتألف أحدهما من إنكلترا وفرنسا وبلجيكا وروسيا؛ ويتألف الثاني من ألمانيا وإيطاليا؛ وينحاز لكل منها بعض الدول الصغيرة؛ فإذا تأملنا في هذا التكوين من الناحية الدستورية ألفينا الديموقراطية ممثلة في الطريق الأول، والنظم الطاغية - الفاشستية والنازية - ممثلة في الطريق الآخر؛ وقد رأينا أن الحرب الكبرى قامت على مثل هذا التقسيم في القوى المتحاربة؛ وأن الدائرة قد دارت على الحكومات المطلقة وعقد النصر للدول الديموقراطية؛ وإذا تأملنا تاريخ أوربا خلال القرن التاسع عشر، لمحنا أثر هذا النضال الدستوري في معظم الحروب والمعارك التي دارت رحاها فيه؛ فقد عقدت المعاهدة المقدسة في سنة ١٨١٥ بين قيصر روسيا، وإمبراطور النمسا، وملك بروسيا، أو بعبارة أخرى بين الأسر الثلاث التي تمثل الحكم المطلق وتتذرع بالحق الآلهي، وهم آل رومانوف، وآل هبسبرج، وآل هوهنزلرن، وغرضها الظاهر توثيق عرى الأخوة المسيحية والتحالف بين الدول الثلاث، وغرضها

<<  <  ج:
ص:  >  >>