بأشكال مختلفة. هذه الإمبراطورية العجيبة التكوين التي تشمل ربع مساحة المعمورة وربع سكانها، ليست موحدة التركيب ولا النظام، وليست لها قوة مركزية فعالة تفرض طاعتها على هذه الأجزاء، اللهم إلا قوة الأسطول. ولقد أخذ شكل هذه الإمبراطورية منذ عام ١٨٣٠ يتغير تغيراً مضطربا حسب الظروف، ويتحول بالتدريج من إمبراطورية بالمعنى الصحيح إلى ما يسمونه الآن أسرة من الأمم
على أن هذه الإمبراطورية كانت إلى ما قبل الحرب بقليل وحدة متماسكة من ناحيتين مهمتين على أقل تقدير، فقد كان لها سياسة خارجية واحدة تسيرها كلها (هويت هول)؛ وكانت جميع أجزائها حتى الأملاك المستقلة التي كانت الروح القومية تضطرم فيها راضية بترك العلاقات الخارجية في يد وزارة الخارجية البريطانية، وذلك لقلة دراية هذه الأجزاء وقلة اهتمامها بمشاكل أوربا، واعتقادها أن لا شأن لها بهذه المشاكل؛ ولم يؤخذ رأي مندوبي الأملاك المستقلة في السياسة الخارجية إلا في السنين المضطربة التي سبقت الحرب عندما اشتد الخطر الألماني، فعقد المؤتمران الإمبراطوريان في عامي ١٩٠٧، ١٩١١؛ على أنه حتى في ذلك الوقت لم تتخذ وسائل رسمية لتنظيم طرق هذه الاستشارة أو الإدارة العامة، وبقي وزير خارجية بريطانيا هو نفسه وزير خارجية الإمبراطورية جميعها. كذلك كانت الإمبراطورية كلها تعتمد على نظام مشترك للدفاع عن جميع أجزائها، وكان عبء هذا الدفاع يكاد يقع كله على عاتق بريطانيا، كما كانت أداته الفعالة بطبيعة الحال هي الدستور الذي يحفظ طرق المواصلات البحرية بين مختلف أجزاء الإمبراطورية مفتوحة. والذي جعل للأسطول هذه الأهمية أن الإمبراطورية البريطانية لا يستطاع غزوها براً إلا من مكان واحد هو حدود الهند الشمالية الغربية؛ فلما بدأت بريطانيا تخاف ألمانيا قبيل الحرب تبادلت أجزاء الإمبراطورية الرأي لأول مرة في شؤون الدفاع، واشتركت الأملاك المستقلة بعض الاشتراك في نفقات الأسطول، واتبع في تنظيم القوات الحربية القليلة التي كانت هذه الأملاك تحتفظ بها نظام الجيش البريطاني؛ وكان هذا الجيش قد أعيد تنظيمه قبل ذلك الوقت على يد اللورد هلدين، ولكنه مع ذلك لم توضع خطة للدفاع الإمبراطوري، كما أنه لم تكن ثمة استشارة إمبراطورية في الشؤون الخارجية
وكان كثير من الناس يتوقعون أن الإمبراطورية ستنهار وتتقطع أوصالها إذا ما لاح شبح