للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إن المحامي ملك)

ولكن - أيها الإخوان المحامون - إذا كان حقاً أن ليست هناك مهن وضيعة، وإنما هناك أشخاص وضيعون فإن ثمة حقيقة أخري هي أنه ليست هناك مهن رفيعة، وإنما هناك رجال يرفعون من شان المهنة. فاعملوا إذن على رفع مستوى المحاماة دائما باستمرار: اعلموا إن الحياة المادية ليست هي المطمح السامي لمن لبس هذا الرداء الأسود، بل إن هذا الرداء كما قال الهلباوي في مرافعته عن الورداني إنما يذكرنا بأننا قسيسون في معبد العدالة نشاطر الناس لواعجهم وأشجانهم؛ وكلما سمت المهنة سما بها بنوها عن الابتذال؛ واعلموا إن نصف الوزراء في الحياة الديموقراطية لا يعيشون بعد الخدمة إلا عيشة الكفاف

اعلموا إن المحاماة رسالة وليست تجارة؛ وان السعيد من استطاع أن يفهمها على غير أسس المال؛ هاتوا صحائف التاريخ تشهدوا الثروات تتدفق على المحامي دائماً بعد أن يكون قد قام بواجبه في سبيل الشرف أو في سبيل الصالح العام؛ تشهدوا المال يلاحق المحامي بعد أن يكون قد أدى رسالته في خدمة المظلومين أو في مدافعة الطغاة؛ تشهدوا المحامي العظيم لا يسعى إلى المال وإنما يسعى إلى الشرف، وكلما اعرض عن جمع المال انحدر إليه المال من كل ناحية. فالسعيد منكم من استطاع أن يفهم المحاماة على أنها مهمة ومهنة؛ فاملئوا نفوسكم بالقناعة، واملئوا أذهانكم بالعلم، واملئوا فراغكم - الإجباري أو الاختياري - بالدرس وبالتحصيل وبالسعي المطرد نحو الكمال

وانتم أيها المحامون الشبان: اسمعوا! إن المحاماة في مصر لم تصل إلى أزهى عصورها بعد؛ فانتم إذن أملها المرموق بالعناية. اكتبوا دائماً، واقرءوا دائما، وتعلموا حسن الأداء - فالمحاماة في الحقيقة ليست إلا حسن أداء - واذكروا إن الحياة الديموقراطية قد ذللت لكم كل شعاب المجد، وفتحت لكم الأبواب على مصاريعها، فأدوا رسالتكم على خير وجوهها، وكونوا دائما شجعانا؛ وأضيفوا إلى مبادئكم إن خير ما علمنا أساتذتنا هو إن احترام المحاماة من احترام القضاء، وان خير ما يكسب به الدعوى هو سلامة الأسلوب ونزاهة الغاية

اذكروا أن رئيس محكمة النقض السابق كان رئيسا لنقابتكم، وأن رئيس نقابتكم السابق هو الرئيس الثاني في الدولة بعد رئيس الوزارة، واذكروا إن رئيس الوزارة اليوم بل صاحب

<<  <  ج:
ص:  >  >>