إذن، فليطمئن أبو العلاء إذا كتب إلى ابن القارح، وليطف به من البرزخ إلى المحشر إلى الصراط، ولتحمله وصيفة فاطمة الزهراء إلى داخل الجنة (زقفونة)! وليجذبه إبراهيم إلى الجنة رغم أنف رضوان. . . ولتكن هذه الحياة الأخرى مهزلة وملهاة مضحكة سواء أفي الجنة أو في الجحيم. . . وليحرض إبليس زبانية جهنم على جذب ابن القارح ليكون معه في بطن سقر. . . . . وليتقارض هذان الساخران الملحدان الضحك على المؤمنين وإله المؤمنين وأنبياء المؤمنين وجنة المؤمنين. . . . . وليتقارضاه آمنين مطمئنين فليس كل الناس بقادر على أن يدرك انهما يستهزئان بكل ذلك. . . . . بل كل الناس ستكبر أدب ابن القارح أدب أبى العلاء. . . . لأن ابن القارح (يغتاظ على أولئك الزنادقة الملحدين مثل بشار والقصار والجنابي والحلاج لأنهم يجدفون في الله وينكرون أنبياء الله ويكفرون بكتب الله ويشككون الناس في كل ذلك)، ولأن أبا العلاء قد أعطاهم صورة من الجنة تزيد المؤمنين إيماناً على إيمانهم وصورة من الجحيم تزيدهم منها خوفاً فوق خوفهم. . . وليفرح النحاة بابي العلاء لأنه حل لهم ألغازاً من الصرف والنحو لم يكونوا قادرين عليها، وهي عند أبي العلاء ضرب من الهذيان لا غناء فيه
على أن أشياء أُخر في رسالة أبي القارح تشعر القارئ برقاعة وفجور لا يدلان إلا على زندقة وفسق، ونفس خبيثة لا تتوقر، ولسان بذيء ينفث الفحش، وفم يقيئ الدنس. . . اقرأ هذه النبذة التي دسها ابن القارح من غير ما مناسبة اقتضتها في رسالته:(دفع رجل إلى صديق له جارية وأودعها عنده وذهب في سفره، فقال بعد أيام لمن يأنس به وتسكن نفسه إليه: يا أخي! ذهبت أمانات الناس! أودعني صديق لي جارية، في حسابه أنها بكر، جربتها فإذا هي ثيب!!)
وهو قبل ذلك يشكو إلى أبي العلاء انصرافه عن طلب العلم وانغماسه في الأغراض البهيمية وانه قبل أن يجيء إلى مصر كان يذاكر خمسين ورقة كل يوم، ولكن الأغراض البهيمية التي عرفها في مصر وانغمس فيها ثمة صرفته عن جده ومثابرته فهو لا يذاكر إلا خمساً ومع ذلك تكل عيناه في تحصيلها على قلتها. .
وحديث ابن القارح عن الزنادقة حديث الهازل غير الجاد. . حديث (المستملح) لما كان